От учения к революции (5): Вера и действие - Имамат
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Жанры
9
وإذا كانت الطاعة هي إقامة الشعائر تكون المعصية هي ارتكاب الكبائر. لا توجد كبائر نظرية، أي كفر نظري، لاختلاف الأطر النظرية وتعدد التصورات النظرية، ولكن الكبائر عملية صرفة. وإذا كانت الشعائر وسائل لتحقيق غايات، فإن المعاصي أيضا وسائل للقضاء على هذه الغايات؛ وبالتالي لا تكون سلوكا بشريا؛ فترك الصلاة رفض لأنجع الوسائل لتحقيق الغايات، وهي التي يتقبلها جمهور الأمة، والسجود للشمس أو للصنم تجسيم للمبدأ وتشبيه له، وأكل الخنزير أو شرب الخمر مفسدة للصحة والعافية ومضيعة للمال، وإظهار زي الكفرة في بلاد المسلمين دعوة إلى التقليد وقضاء على الأصالة. وقد يصل الأمر إلى حد اعتبارها كفرا عمليا في مقابل الطاعات باعتبارها إيمانا عمليا. وقد تخرج بعض الأمور عن هذا الكفر العملي؛ إما لأنها أدخل في البحث العلمي مثل جمع القرآن وتواتر الوحي، أو في المعترك السياسي مثل الخلاف بين الصحابة ونصرة هذا الفريق أو ذاك، وتمسك كل منهم بكتاب الله وسنة رسوله. إنما المعاصي ضياع الطاقات العقلية والمادية من أجل تحقيق الغايات والمقاصد؛ فالأفعال واحدة، والغايات واحدة، الطاعات تحقيقها إيجابا، والمعاصي تحقيقها سلبا.
10 (2) هل يسقط العمل؟
فإذا ما حدث اختلال بين أبعاد الشعور الأربعة، المعرفة والتصديق والإقرار والعمل، أو على الأقل بين النظر الجامع للمعرفة والتصديق والعمل الجامع للإقرار والفعل، يسقط العمل ويتحول إلى عمل مضاد، يتحول الإيجاب إلى سلب، وتتفرغ الطاقة ولا تتحول إلى حركة، أو تتحول إلى حركة مضادة. ويسقط العمل أو يختل بصور عدة، منها تشخيص الأحكام، وإسقاط التكاليف، وإيقاف الحدود، وتحريم الحلال، وتحليل الحرام، وتأويل العبادات والمعاملات. ويحدث ذلك كله نتيجة للكفر بكل الشرائع الموجودة الناتجة عن مجتمع الظلم الذي وضع الأوامر والنواهي لصالح السلطة القائمة. الخلل في العمل إنما ينشأ إذن عن خلل في النظر؛ أي عن اغتصاب للسلطة وهدم للشرعية. ويكون رد الفعل على ذلك تكوين مجتمع مقابل، مغلق على نفسه، حر من علاقاته، يناقض مجتمع القهر والغلبة، ويضع شرائعه ويسن قوانينه تساعده على التحرر، وعلى قهر مجتمع الغلبة، والتغلب على نظم القهر. يسقط العمل إذن بتخلخل الأسس النظرية التي يقوم عليها، أو قيام التصديق، أو نفاق وخوف وجبن؛ وبالتالي عدم تعبير الإقرار لا عن معرفة ولا عن تصديق، فيصبح العمل مجرد شعائر صورية، أوامر ونواه، للطاعة أو للزجر.
11
وليس لإسقاط العمل أي أثر خارجي من الفرق الدينية المعاصرة في الديانات السابقة، بل هو تعبير عن خلل نظري داخل المجتمع الإسلامي.
12 (2-1) تشخيص الأحكام
ويسقط العمل ويختل عندما تتشخص الأحكام، وتصبح الطاعة رجلا، والأركان الشرعية الخمسة رجالا. تتشخص الحدود والفرائض فتصبح المحرمات رجالا والفرائض رجالا، وتحول الحدود إلى علاقات إنسانية مجسمة؛ وذلك لأن المصائب تأتي من البشر، ومن اضطرابات العلاقات الاجتماعية. ويقوم هذا التشخيص على التأويل، تأويل الأحكام، الأوامر أشخاص يجب موالاتهم، والنواهي أشخاص تجب معاداتهم. الفرائض رجال تجب ولايتهم، والمحارم رجال تجب عداوتهم؛ نظرا لتحقق الفعل في مجتمع ينقسم إلى أولياء وأعداء، ويؤدي التشخيص بدوره إلى إسقاط الشرائع وإبطال الأحكام وتجسيم الشريعة كما تجسمت العقيدة من قبل. ونتيجة لتشخيص الحدود تصبح بلا موجهات، فتسقط الشرائع، وتبطل الحدود، وتحل المحرمات، وتحرم المحللات. ويتمثل إسقاط الشريعة في إباحة الحرام أكثر منه في تحريم الحلال، وتصبح أقرب إلى الإباحية أو المشاع أو الفوضوية أو الغريزية كفرا بالشرائع وبالقوانين، ورفضا للمجتمعات وللدساتير، وثورة على السلطة والحكم، ورغبة في الكفر بكل شيء، وهدم كل الكيانات التي تقوم على الظلم، وتحريرا للطبيعة المكبلة بالقيود؛ فالأوامر والنواهي إنما هي تعبير مجسم للصراع الاجتماعي بين العدل والظلم، بين الحق والباطل. وما فائدة الشرائع إن لم تتحول إلى صراع؟ وهل الغاية من القانون تقييد الحرية وتكبيل اليدين وتكميم الأفواه، أم إطلاق الحرية لليدين وللسان؟
13
وقد تدور الأحكام كلها حول شخص واحد هو شخص الإمام؛ فالانتساب إليه يرفع التكاليف؛ وبالتالي لا عذاب له ولا تثريب عليه، حتى ولو ترك الفرائض وأشرك بالله. ولا يكفر إلا إذا كفر بالإمام وبالأئمة. الدين إذن أمران؛ معرفة الإمام وأداء الأمانة، وليس منه أداء الطاعات واجتناب المعاصي. العالم شر، والدنيا حرام، ولا يتحول العالم إلى خير أو يحل شيء من الدنيا إلا بمعرفة الإمام.
Неизвестная страница