От учения к революции (5): Вера и действие - Имамат
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Жанры
85
ومن مظاهر التشدد اعتبار الأطفال كالآباء إيمانا وكفرا في مجتمع القهر. وما المانع أن يتحمل الأطفال المسئولية منذ الصغر مع الكبار، سواء مع الآخر أو مع النفس؟ وقد تجب البراءة من الطفل حتى يدعى إلى الإسلام، ودعاؤه إليه بعد البلوغ.
86
والإمام هو عصب مجتمع الاضطهاد؛ لذلك ارتبط موضوع الإيمان والعمل بموضوع الإمامة؛ فتطبيق الحدود لا يجوز إلا للإمام، فهو السلطة الشرعية فيه في مقابل السلطة اللاشرعية للسلطان الباغي في مجتمع القهر. والأولوية لإيمان الإمام أو كفره نظرا لآثار ذلك على إيمان الناس وكفرهم؛ لذلك يرفض التحكيم بصرف النظر عن مطالبة أنصار الإمام به، فلا تحكيم بين الحق والباطل. ويتم تكفير القعدة عن القتال في صف مجتمع الاضطهاد، فذلك خنوع واستسلام، ومساومة على الحق، وتأييد للظلم. وقد تمارس بعض مظاهر العنف، مثل اغتيال المخالفين، للقضاء على نظام البغي والتسلط. ويدخل الله مع مجتمع الاضطهاد في موالاته ومعاداة مجتمع القهر.
87
والحقيقة أن مشاركة كثير من الفرق الضالة في العقائد نفسها، مثل أصلي التوحيد والعدل، تجعل الفرق الضالة تمثل تيارا رئيسيا في عقائد الأمة، وليس مجرد فرق متفرقة بينها فروق؛ مما يدل على إمكانية التوحيد بينها في عقائد مضادة ضد النسق الحضاري للفرقة الناجية؛ وبالتالي تكون العقائد اثنتين؛ عقائد حكم وعقائد ثورة، عقائد سلطة وعقائد معارضة.
ويصل حد التكفير إلى حد تكفير الفرقة الناجية لنفسها وتضليلها لعقائدها، وذلك باعتبار الإيمان مجرد معرفة أو إقرار أو تصديق، وإخراج العمل منه وإرجائه إلى يوم الدين، يكفي أن يكون الإيمان معرفة بالله وخضوعا ومحبة بالقلب بصرف النظر عن الأفعال، ولا تضر مع الإيمان معصية، ولا تنفع مع الإيمان طاعة، وأن إبليس كان مؤمنا لأنه كان عارفا بالله، وكفر فقط لاستكباره ورفضه الخضوع والسجود، ولا يحكم عن إنسان فاسق على الإطلاق، بل أنه فسق في فعل خاص، ولا تهم الوقائع التاريخية كمصداق للإيمان؛ فالإيمان له مضمونه الداخلي وليس الحدث الخارجي، ومحمد كشخص تاريخي، ومكة كمدينة، والكعبة كمكان خارج مضمون الإيمان. الإيمان مكتف بذاته، منعكف على ذاته، لا شأن له بالعالم الخارجي.
88
وواضح من هذا الموقف الرغبة في تبرئة السلطان، وذلك بالفصل بين إيمانه وعمله. تكفيه معرفة الله ومحبته ورجاء أفعاله إلى يوم الدين، يحاسب عليها في الآخرة، ولا تحاسبه الأمة عليها في الدنيا. وقد يكون تكفير الفرقة الناجية للإرجاء نوعا من التعمية والتستر على مواقفها الخاصة المشابهة للإرجاء. (3-4) الحكم والثورة (الإمامة)
أما موضوع الإمامة فيكشف عن المواقف السياسية للفرق، واستعمال الفرقة الناجية سلاح التكفير ضد الخصوم السياسيين؛ فليست الإمامة كلها رجعة وتقية وعصمة وألوهية للإمام، بل هي أيضا أحكام تاريخية تكشف عن اختيار سياسي، ثم نسجت النظرية حوله فيما بعد. وفي شدة الأزمة وفي قلب الفتنة يتم تكفير الجميع حتى الإمام الذي لم يقاتل؛ فاليأس من الحفاظ على وحدة الأمة أدى إلى التشرذم والتقوقع، وتحولت الأمة إلى أمم صغيرة، كل منها على حق، والجميع على باطل. وكان من الطبيعي التمسك بالإمام المظلوم وبأولاده ونسبه زيادة في التمسك به لما تحولت الخلافة إلى ملك عضود؛ فابن الإمام أولى بالحكم من ابن الملك أو الأمر! ولكن لماذا يكون الخلاف السياسي مدعاة للتكفير؟ وهل الصراع على السلطة أمر عقائدي؟ ولماذا تكفير من يجمع بين النص والشورى، أو من يقول بالشورى كما تقول الفرقة الناجية، أو من يقول بالدعوة والخروج قتالا للإمام الظالم، وهو ما تقوله أيضا الفرقة الناجية؟ ولماذا تكفير من يتوقف عن التكفير؟ هل لا بد من إشهار سلاح التكفير في مجتمع ديني حتى يسهل عزله سياسيا، فيتم حصاره بين رفض السلطة له وترك الجماهير له؟ فإذا ما تحولت الإمامية إلى موقف سلفي خالص، فهل ستظل سببا للتكفير؟
Неизвестная страница