От учения к революции (5): Вера и действие - Имамат
من العقيدة إلى الثورة (٥): الإيمان والعمل - الإمامة
Жанры
تاريخ الفرق إذن أحد الموضوعات في نسق العقائد، وهو مسألة الفكر في التاريخ أو تاريخ العقائد أو عقائد التاريخ. ونظرا لأهمية مسار الوحي في التاريخ فقد أتت به إحدى الحركات الإصلاحية الحديثة في البداية، وليس في النهاية كتذييل أو كملحق للإمامة؛ وبالتالي يكون أدخل في نظرية العلم في المقدمات الأولى أو بديلا عنها. فبدلا من نظرية العلم يؤرخ العلم لذاته، وكيف انتقل التوحيد من وحدة العقيدة إلى فرقة المذهب، وبداية ظهور البدع والمؤامرات في التاريخ، وانقسام الأمة إلى طوائف، وغلو طرفين منها وتوسط طرف ثالث، وبداية الاشتغال بالعلوم بناء على وحدة الدين والعقل، وكأن هذا المسار سنة كونية تكشف عن حكمة إلهية، ثم تعود من جديد في آخر مبحث النبوة في الحديث عن الإسلام كنظام آخر وكمرحلة من مراحل النبوة، ثم انتشار الإسلام في التاريخ؛ مما يدل على ارتباط النبوة بالتاريخ وبالتحقق فيه، بالرغم من ظهور بعض الموضوعات الأخرى مثل أخبار الآحاد والرؤية، والأول يتعلق بنظرية العلم، والثاني بالذات والصفات. يظهر التاريخ إذن في نهاية علم التوحيد ابتداء من النبوة والخلافة والإمامة؛ فالنبوة حركة التاريخ، والخلافة الأولى مثله ونمطه الأول، والإمامة استمراره وبقاؤه. أما الفرق فهي ضياع للتاريخ.
4
وقد قامت مصنفات تاريخ الفرق أيضا على التاريخ الموجه بحديث الفرقة الناجية، وهو ليس تاريخا موضوعيا للفرق، بل تاريخ ذاتي خالص من وجهة نظر الفرقة الناجية ومؤرخيها وعقائدها لاتهام الآخرين وتنجية النفس تحت ستار بيان وحدة الأمة الأولى، وضياعها وتشتتها وانتقالها من الوحدة إلى الفرقة؛ مما يوحي بضرورة العودة من الفرقة إلى الوحدة من جديد. ويتم التاريخ الموجه بطريقتين؛ الأولى: محايدة دون نقد، مع أن مجرد تصنيف الفرق إلى غلاة ومتوسطة يتضمن نقدا مبطنا واتهاما غير مباشر، بل إن مجرد تصنيف الفرق هو إحدى وسائل عرضها من وجهة نظر الفرقة الناجية. والثانية: ناقدة على أساس عقائد الفرقة الناجية، وذلك من أجل إرجاع الفرقة إلى الوحدة، والشتات إلى الجمع، حفاظا على وحدة الأمة المتمثلة في وحدة العقيدة.
5
وكما كان التفضيل بين الأمم من مستويات التفضيل، فقد ظهرت حضارات الأمم أيضا ضمن تاريخ الفرق، ابتداء من الحضارة الإسلامية كلها بما في ذلك علوم الأصول وعلوم الفروع؛ إذ تؤرخ بعض المصنفات في تاريخ الفرق لبعض العلوم الإسلامية الأخرى وليس لعلم الكلام وحده، فيضم علماء الكلام في أهل الأصول المختلفة في التوحيد والعدل والوعد والوعيد، وعلماء أصول الفقه في أهل الفروع المختلفين في الأحكام الشرعية والمسائل الاجتهادية؛ وبالتالي يدخل علم الكلام في إطار باقي العلوم، ومنها العلوم النقلية.
6
فإذا ما حدث تكفير عقائدي في علم الكلام، أي في علم الأصول، فإنه ينتج عنه تكفير شرعي في علم الفقه، أي في علم الفروع. وقد يوضع علم العقائد في إطار أعم من العلوم النقلية داخل الحضارة الإسلامية؛ في إطار علم تاريخ الأديان، إما مباشرة أو عن طريق غير مباشر؛ مباشرة عندما تخصص أجزاء مستقلة للملل والنحل، أو بطريق غير مباشر عندما يضم إلى الكلام في بعض موضوعاته - خاصة العقليات - بعض المقارنات مع أنساق العقائد الأخرى مع نقدها، مثل: رفض أن الله جوهر، ونقد التثليث في إثبات أن الله واحد، ونقد الاتحاد والحلول في إثبات التنزيه، ونقد النصوص الدينية في معرض إثبات مناهج النقل وعلى رأسها التواتر، ونقد اليهودية في معرض إثبات النسخ ونفي اليهود له. كما تم نقد جميع المذاهب الثنوية من مرقونية وديصانية ومجوسية في إثبات وحدانية الله.
7
ثم يوضع علم العقائد في دائرة الحضارات. فكما ورث علم العقائد الإسلامية علوم العقائد الأخرى من الديانات المجاورة، كذلك ورثت الحضارة الإسلامية تاريخ الحضارات القديمة لتؤرخ مذاهبها وفرقها. وهنا يدخل تاريخ الحضارة البشرية كله في علم الكلام في أجزاء مستقلة عنه، وفي مقدمتها الحضارتان اليونانية والرومانية، أزهى حضارتين قديمتين.
8
Неизвестная страница