٤- الخابطية والحدثية:
الخابطية: أصحاب أحمد بن خابط١، وكذلك الحدثية أصحاب الفضل الحدثي٢، كانا من أصحاب النظام وطالعا كتب الفلاسفة أيضا، وضما إلى مذهب النظام ثلاث بدع:
البدعة الأولى: إثبات حكم من أحكام الإلهية في المسيح ﵇ موافقة للنصارى على اعتقادهم أن المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة، وهو المراد بقوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ ٣ وهو الذي يأتي في ظلل من الغمام، وهو المعني بقوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ ٤ وهو المراد بقول النبي ﵊: "إن الله تعالى خلق آدم على صورة الرحمن" وبقوله: "يضع الجبار قدمه في النار" وزعم أحمد بن خابط٥ أن المسيح تدرع بالجسد الجسماني وهو والكلمة القديمة المتحدة كما قالت النصارى.
_________
١ توفي أحمد بن خابط سنة ٢٣٢هـ.
٢ توفي الفضل الحدثي سنة ٢٥٧.
٣ الفجر آية ٢٢.
٤ الأنعام آية ١٥٨.
٥ تكلم عبد القاهر البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق ص ١٦٦ ط مؤسسة نشر الثقافة الإسلامية بالقاهرة سنة ١٩٤٨، فمما قاله:
"إن ابن خابط وفضلا الحدثي زعما أن للخلق ربين وخالقين: أحدهما قديم وهو الله. والآخر مخلوق وهو عيسى ابن مريم. وزعما أن المسيح ابن الله على معنى دون الولادة، وزعما أن المسيح هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة، وهو الذي عناه الله بقوله -وجاء ربك والملك صفا صفا- وهو الذي يأتي في ظلل من الغمام، وهو الذي خلق آدم على صورة نفسه، وذلك تأويل ما روى أن الله تعالى خلق آدم على صورته، وزعم أنه هو الذي عناه النبي ﷺ بقوله: "ترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر" وهو الذي عناه بقوله "إن الله تعالى خلق العقل فقال له: أقبل، فأقبل، وقال له: أدبر، فأدبر، فقال ما خلقت خلقا أكرم منك، وبك أعطي، وبك آخذ" وقالا: إن المسيح تدرع جسدا، وكان قبل التدرع عقلا". قال عبد القاهر: "قد شارك هذان الكافران الثنوية والمجوس في دعوى خالقين، وقولهما شر من قولهم، لأن الثنوية والمجوس أضافوا اختراع جميع الخيرات إلى الله تعالى، وإنما أضافوا فعل الشرور إلى الظلمة وإلى الشيطان. وأضاف ابن خابط وفضل الحدثي فعل الخيلات كلها إلى عيسى ابن مريم، وأضافا إليه محاسبة الخلق في الآخرة. والعجب من قولهما إن عيسى خلق جده آدم ﵇. فيا عجبا من فرع يخلق أصله. ومن عد هذين الضالين من فرق الإسلام كمن عد النصارى من فرق الإسلام".
1 / 60