وكذلك الجعفران: جعفر بن مبشر، وجعفر بن حرب، وافقاه وما زادا عليه، إلا أنه جعفر بن مبشر قال: في فساق الأمة من هو شر من الزنادقة والمجوس، وزعم أن إجماع الصحابة على حد شارب الخمر كان خطأ، إذ المعتبر في الحدود: النص والتوقيف. وزعم أن سارق الحبة الواحدة فاسق منخلع عن الإيمان.
وكان محمد بن شبيب، وأبو شمر، وموسى بن عمران من أصحاب النظام، إلا أنهم خالفوه في الوعيد، وفي المنزلة بين المنزلتين، وقالوا: صاحب الكبيرة لا يخرج من الإيمان إلا بمجرد ارتكاب الكبيرة. وكان ابن مبشر يقول في الوعيد: إن استحقاق العقاب والخلود في النار بالفكر يعرف قبل ورود السمع. وسائر أصحابه يقولون: التخليد لا يعرف إلا بالسمع.
ومن أصحاب النظام: الفضل الحدثي، وأحمد بن خابط، قال الراوندي: إنهما كان يزعمان أن للخلق خالقين: أحدهما قديم، وهو الباري تعالى. والثاني محدث وهو المسيح ﵇ لقوله تعالى: ﴿إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ ١ وكذبه الكعبي في رواية الحدثي خاصة لحسن اعتقاده فيه.
_________
= ومن تدقيقه في ضلالته قوله: بأنه يجوز أن يقال إن الله يكلم العباد، ولا يجوز أن يقال إنه يتكلم، وسماه مكلما ولم يسمه متكلما. وزعم أن متكلما يوهم أن الكلام قام به، ومكلما لا يوهم ذلك، كما أن متحركا يقتضي قيام الحركة به، ومتكلما يقتضي قيام الكلام به، وأما أسلافه من القدرية فإنهم يقولون له: إن اعتلالك هذا يوجب عليك أن يكون المتكلم من بدن الإنسان لسانه فحسب، لأن الكلام عندك يحل فيه".
وقال أبو الحسن الأشعري في "مقالات الإسلاميين" ج١ ص٢٠٢ "وكان الإسكافي يقول: يقدر الله على الظلم، إلا أن الأجسام تدل بما فيها من العقول والنعم التي أنعم بها على خلقه على أن الله لا يظلم، والعقول تدل بأنفسها على أن الله ليس بظالم، وليس يجوز أن يجامع الظلم ما دل لنفسه على أن الظم لا يقع من الله. وكان إذا قيل له: فلو وقع الظلم منه كيف كانت تكون القضية؟ قال: يقع والأجسام معراة من العقول التي دلت بأنفسها وأعينها على أن الله لا يظلم".
وفي ص٣٩٥ ج٢ "وزعم الإسكافي أن الوجه الي من قبله يعلم أن الله قدر على العدل هو الوجه الذي من قبله يعلم أنه قادر على الجور، وأن الدليل الذي دل على ذلك واحد".
١ المائدة آية ١١٠.
1 / 59