Позиция по отношению к метафизике
موقف من الميتافيزيقا
Жанры
وفي الفصل الثاني بحث في الفلسفة النقدية عند «كانت» أردت به أن أسوق للمشتغلين بالدراسات الفلسفية مثلا فنيا للتحليل الفلسفي كيف بلغ حدا بعيدا من الدقة والعمق على يدي رجل من أضخم رجال التحليل في تاريخ الفكر كله، فإن وجد القارئ العادي مشقة في تتبع هذا الفصل، فليتركه حينا حتى تتهيأ له الدراسة التي تعينه على ذلك، ولن يؤثر هذا أثرا ملحوظا في تتبعه الفكرة الرئيسية التي كتب الكتاب من أجلها.
وفي الفصل الثالث تحديد للميتافيزيقا بالمعنى الذي نرفضه، وقد حددناها بأنها مجموعة العبارات التي تحتوي على كلمات لا ترمز إلى شيء مما تقع عليه حواس الإنسان فعلا أو إمكانا. ويجيء بعد ذلك الفصل الرابع على سبيل التطبيق؛ إذ جعلناه خاصا بالبحث في الجمل التي يعبر بها قائلوها عن «القيم» الأخلاقية والجمالية، وقد بينا أن أمثال هذه العبارات فارغة من المعنى، فكل عبارة يقولها قائلها ليحكم على فعل بأنه خير أو على شيء بأنه جميل، إن هي إلا تعبير منه عن ذات نفسه، ولا تدل في العالم الواقع على شيء، وبالتالي لا يجوز أن تكون موضعا للنقاش والجدل؛ لأن العالم الخارجي - عالم الأشياء - لا خير فيه ولا جمال، كما أنه لا شر فيه ولا قبح، فهذه كلها كلمات دالة على شعور المتكلم نحو الأشياء من حب لها أو كراهية، بحكم تربيته ونشأته.
وأما الفصول الثلاثة الأخيرة، فكلها عرض لطرائق التحليل عند الفلاسفة المعاصرين؛ لأننا إذ نرفض ما نرفضه من عبارات، لا نبني ذلك على ميول وأهواء، وإنما نرفضه على أساس تحليل هذه العبارات المرفوضة نفسها تحليلا يدل على أنها فارغة لا تعني شيئا ولا تدل على شيء.
هذا هو الكتاب الذي أقدمه للقراء عامة، والمشتغلين بالدراسات الفلسفية بصفة خاصة، والأمل يحدوني أن يجيء عاملا متواضعا من جملة العوامل الكثيرة التي تؤثر في توجيه الفكر العربي، وسأعد القارئ صديقا إن أيد وجهة النظر التي عرضتها في الكتاب أو عارضها؛ لأنه في كلتا الحالين سيخرج متأثرا بما قرأ.
زكي نجيب محمود
القاهرة في أبريل 1953م
الفصل الأول
الفلسفة تحليل
1
ألف الناس أن ينظروا بالمنطق ذي القيمتين إلى القول يقوله القائل ليخبر به خبرا؛ أي إنهم قد ألفوا أن يحكموا على الخبر يأتيهم به المتكلم بأحد شيئين: فهو عندهم إما صواب أو خطأ، ولا ثالث لهذين الفرضين؛ حتى جاء المناطقة المحدثون، فأضافوا إلى هذين الحكمين التقليديين حكما ثالثا، هو أن يكون القول كلاما فارغا لا يحمل إلى السامع معنى، فلا يجوز وصفه عندئذ بصواب أو خطأ، وبالتالي لا يجوز أن يكون موضع أخذ ورد وبحث ومناقشة؛ فقولنا عن العدد 2 مثلا: إنه زوجي، قول صحيح، وقولنا عنه: إنه فردي، قول خاطئ، وأما قولنا عنه: إنه «عدد أبيض» فكلام فارغ لا يكون صوابا ولا خطأ.
Неизвестная страница