Позиция по отношению к метафизике
موقف من الميتافيزيقا
Жанры
وهذا هو عندي بيت القصيد.
قام «كانت» بتحليل لقضايا الرياضة وقضايا العلوم الطبيعية ظنا منه - في بداية الأمر - أنها ستهديه إلى طريقة التفكير السديد في القضايا الميتافيزيقية، فتراه يقول في مقدمة كتابه «نقد العقل»: إن «محاولة تغيير طريقة البحث في الميتافيزيقا حتى تكون على غرار الهندسة والطبيعة، هي الغرض الرئيسي من هذا الكتاب.»
9
لكنه لا ينتهي من بحثه ذاك إلا وقد أدرك أن التحليل للقضايا العلمية في الرياضة والطبيعة هي كل ما يرجوه الفيلسوف لنفسه، ولا شيء غير ذاك، فإن كان للميتافيزيقا معنى، فهي تحليل القضايا العلمية.
ومن حسن الطالع أن «كانت» كان رجلا شديد الاهتمام بالتفصيلات فيما يتعرض له من أمور، فلما قرر لنفسه أنه لا قيام لعلم إلا إذا ألقيت أسئلة معينة، وأن الطريقة العلمية الدقيقة هي نفسها المهارة في إلقاء الأسئلة، ولما قرر لنفسه أن إلقاء الأسئلة يتضمن دائما فروضا، ولما رأى أن الرياضة وعلم الطبيعة قد أصابا تقدما حين عرفا كيف ينظمان إلقاء الأسئلة على أساس الفروض التي يفرضها أصحاب هذا العلم أو ذاك، أقول: إنه من حسن الطالع أن «كانت » حين رأى هذا كله في علم الرياضة وعلم الطبيعة، لم يكتف بمثل هذا التعميم في القول، بل راح يفصل القول تفصيلا شديدا في الرياضة وعلم الطبيعة، حتى استغرق كتابه كله، وحتى ظن الناس أنه قد نسي موضوعه الأصلي، وهو التماس الطريقة القويمة للبحث الميتافيزيقي المنتج، راح فيلسوفنا يبحث بحثا تفصيليا في الفروض الكائنة وراء البناء الرياضي والفروض الكائنة وراء بناء العلم الطبيعي، راح يحلل القضية الرياضية والقضية الطبيعية تحليلا تفصيليا دقيقا ليتعقبها حتى الأساس الذي تقوم عليه هذه القضية أو تلك، ولما سئل آخر الأمر: وأين الميتافيزيقا في هذا العمل كله؟ أجاب: إنها في هذا التحليل نفسه.
ومما هو جدير بالملاحظة أن «كانت» قد اختصر القول في تحليله لقضايا الرياضة؛ لأنه لم يكن من علماء الرياضة، أما علم الطبيعة فقد كان مادة اختصاصه إذ كان عالما في الطبيعة من الطراز الأول في عصره، واشتغل بتدريسها مدة طويلة؛ ولذلك تراه قد أفاض القول في تحليله للقضية الطبيعية إفاضة لا تدع زيادة لمستزيد؛ لأنه ها هنا كان يجول في ميدانه الذي يألف كل شيء فيه، ما ظهر منه وما خفي على العين العابرة.
أطلق «كانت» اسم «التحليل النقدي»
10
على بحثه الخاص بتحليل قضايا العلم الطبيعي، وردها إلى الفروض الكائنة وراءها، وأعيد القول مرة أخرى لأهميته، فأذكر أن «كانت» حين أجرى هذا البحث التحليلي في قضايا العلم الطبيعي، لم يقصد به إلى أن يكون بحثا ميتافيزيقيا، بل أراد به أن يكون مفتاحا للميتافيزيقا، أو منوالا ينسج عليه من أراد البحث في الميتافيزيقا، لكنه عاد آخر الأمر فغير وجهة نظره، إذ جعل هذا البحث النقدي نفسه هو بعينه البحث الميتافيزيقي الذي كان ينشده.
11
Неизвестная страница