فالتعليم والشعر والسحر والكهانة والغيبوبة كانت كلها سوابق واقعة موصوفة على ألسنة المكذبين من أقوام الرسل الأقدمين، ومن وصفها مخترعا فهذا هو العجب العجاب، ومن وصفها مطلعا فقد استقصاها وزاد عليها ما لم يكن منها، وهو النبوءة الخالصة لهداية الضمير. •••
إن المتنبئين من الأقدمين لم يفصلوا النبوة بفاصل حاسم، وإن من المتنبئين في بني إسرائيل لمن جمع بين الكهانة واستطلاع الغيب بالاقتراع في المحراب، وعاش القوم بعد أنبيائهم بأزمنة طوال، وهم لا يذكرون لهم رسالة أكبر من رسالة الإنذار بالحوادث والأخطار، فإذا كانت النبوة لم تخلص لمهمتها الكبرى قبل محمد - عليه السلام - فأين هي الكرامة التي تعلو على هذه الكرامة بين مراتب الأنبياء؟
إن الرسالة المحمدية قد علمت الناس أن يعجبوا للنبوءات إذا لم تكن نبوءة للهداية وللإنذار والبشارة:
أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم [يونس: 2].
وهذه هي النبوة المحمدية.
وهذه هي النتيجة التي لم تأت من مقدمتها، أو هذه هي النتيجة التي لم تأت من جميع مقدماتها.
وهذه هي آية العمل الإلهي بين أعمال الناس.
الفصل الخامس
سيد الأنبياء
(1) نشأة الأنبياء
Неизвестная страница