يقارب ما في كشاف الزمخشري والإرجاء والجبر يقابل ما فيه من نفي القدر وكلاهما في طرفي نقيض وكل واحد خالف ما عليه أهل السنة والجماعة في ذلك ومعلوم أن صاحب الكشاف أقدم من هؤلاء الثلاثة وأرسخ قدما منهم في فنون من العلم ومع هذا فقال شيخ الإسلام البلقيني استخرجت ما في الكشاف من دسائس الاعتزال بالمناقيش وقال أبو حيان وقد مدح الكشاف ما فيه من لطيف المعنى ثم قال:-
ولكنه فيه مجال لناقد ... وزلات سوء قد أخذن المخانقا
فيثبت موضوع الأحاديث جاهلا ... ويعزو إلى المعصوم ما ليس لائقا
وينسب إبداء المعاني لنفسه ... ليوهم أغمارا وإن كان سارقا
ويسهب في المعنى الوجيز دلالة ... بتكثير ألفاظ تسمى الشقاشقا
يقول فيها الله ما ليس قائلا ... وكان محبا في المخاطب وامفا
ويشتم أعلام الأئمة ضلة ... ولا سيما أن ولجوه المضائقا
إلى أن قال:
لئن لم تدركه من الله رحمة
لسوف يرى للكافرين مرافقا
فإذا كان هذا في تفسير مشهور وصاحبه معروف بالذكاء والفهم فما دونه من المتأخرين أولى بأن لا يتلقى من كلامهم بالقبول إلا ما وافق تفسير السلف وقام عليه الدليل وهذا المعترض من جهله يحسب كل بيضاء شحمةيعظم المفضول من الأشخاص والتصانيف ولا يعرف ما هو الأفضل ولو كان له أدنى مسكة منفهم ومعرفة للعلماء ومصنفاتهم لعلم أن أفضل ما في أيدي الناس من التفاسير هذه الثلاثة التي نقلنا منها تفسير أبي جعفر محمد بن جرير الطبري وتفسير الحسين بن مسعود البغوي وتفسير العماد إسماعيل ابن كثير فهذه أجل التفاسير
1 / 72