مالك بن أنس (١). فلا تتوهم من قولهم:
* مُخْلِف طه سِبْحتان ومُصْحفُ* (٢)
أن القرآن كان مجموعًا في مصحف واحد على عهده ﷺ، بل المراد به بعض آيات كما يُطلق اسم المصحف على ذلك. قال القَسْطلانى (٣) أول باب جَمع القرآن في الصُّحف (٤): "ثم جمع تلك الصحف في المصحف بعد النبي ﷺ، وإنما ترك النبي ﷺ جَمْعَه في مصحف واحد لأن النَّسْخَ كان يرد على بعضه، فلو جمعه ثم رُفعت تلاوةُ بعضِه لأدَّى إِلى الاختلاف والاختلاط، فحفظه الله تعالى في القلوب إِلى انقضاء زمن النَّسْخ فكان التأليف في الزمن النبوى، والجمع في الصحف في زمن الصدِّيق، والنَّسْخُ في المصاحف في زمن عثمان. وقد كان القرآن كله مكتوبًا في عهده ﷺ، لكن غير مجموع في موضع واحد، ولا مُرتَّب السور" اهـ.
[عدد مصاحف عثمان ﵁]:
وأكثر العلماء على أن المصاحف التي نسخت بأمر الإِمام عثمان كانت أربعة؛ أرسل واحدًا للكوفة، وآخر للبصرة، وآخر للشام، وترك واحدًا عنده بالمدينة.
_________
(١) مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو الأصبحي الحميري، أبو عبد الله المدني، إِمام دار الهجرة شيخ الإِسلام ولد سنة ٩٣ هـ وطلب العلم وهو حدثٌ وقد تأهل للفتيا وجلس للإفادة وله إِحدى وعشرون سنة. وكان عالم المدينة في زمانه. قال عنه الشافعي: إِذا ذكر العلماء فمالك النجم. وقال ابن عيينة: مالك عالم أهل الحجاز، وهو حجة زمانه. توفي سنة ١٧٩ هـ (من مصادر ترجمته: تهذيب الكمال جـ٢٧ ص ٩١، تذكرة الحفاظ جـ١ ص ٢٠٧، الجرح والتعديل جـ١ ص١١، سير أعلام النبلاء جـ٨ ص ٤٨).
(٢) شطر بيت من الخفيف، ولم أصل إِلى قائله.
(٣) سبق التعريف به ص (٥٥).
(٤) إِرشاد السارى بشرح صحيح البخاري جـ٧ ص ٤٤٦.
1 / 75