[النبي الأُّمِّى -وتفصيل القول في أُمِّيته ﷺ -]:
وكان صلوات الله وسلامه عليه أُميًّا، لكن لا بالمعنى الشرعى، بل بمعناه اللغوى، وهو الذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب، كما في نص الآية الشريفة المتقدمة: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [الجمعة: ٢] وكما فى آية العنكبوت ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ [العنكبوت: ٤٨]، وكما في حديث البخاري (١) "نحن أُمَّة أُميَّةٌ لا نكْتب ولا نَحْسِب" (٢). وكان ذلك له معجزة وكمالًا في حقه، وإن كان نقصًا في حق غيره كما قال الْبُوصيرى (٣) ﵀ في (البُرْدة) (٤):
كَفَاكَ بِالعِلم في الأُمِّىِّ مُعْجِزةً ... في الجاهِليِّةِ وَالتَأدِيبِ في اليُتُم
_________
(١) هو محمَّد بن إِسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدزْبَة الجعفي، أبو عبد الله البخاري، شيخ الإِسلام وإمام الحفاظ ولد سنة ١٩٤ هـ. وكان رأسًا في الذكاء والعلم والورع والعبادة. قال عنه ابن حجر: جبل الحفظ وإمام الدنيا ثقة الحديث. وقال ابن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث عن البخاري. توفي سنة ٢٥٦ هـ. ومن أشهر مؤلفاته: "الجامع الصحيح" و"الأدب المفرد" و"التاريخ الصغير" و"الكبير" وغيرها (من مصادر ترجمته: تهذيب الكمال جـ٢٤ ص ٤٣٠، سير أعلام النبلاء جـ١٢ ص ٣٩١، تذكرة الحفاظ جـ٢ ص ٥٥٥).
(٢) الحديث متفق عليه. أخرجه البخاري في الجامع الصحيح -كتاب الصوم- باب لا نكتب ولا نحسب (رقم ١٩١٣). ومسلم في صحيحه -كتاب الصيام- باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال .. (رقم ١٠٨٠/ ١٥). وأبو داود في السنن -كتاب الصوم- باب الشهر يكون تسعًا وعشرين (رقم ٢٣١٩). والنسائي في المجتبى -كتاب الصيام- باب ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي كثير في خبر أبى سلمة فيه (٤/ ١٣٩، ١٤٠) كلهم من حديث عبد الله بن عمر ﵄ بلفظ "إِنَّا أمة أمية .. " وفي مسند الإِمام أحمد (٢/ ١٢٢): "نحن أمة أميون".
(٣) سبق التعريف به ص ٣٨.
(٤) ديوان البوصيرى ص ٢٤٧، وهو البيت رقم ١٣٩ من قصيدته الميمية المعروفة (بالبردة) على بحر البسيط.
1 / 59