النضر ولا يتعداه صاعدا وهو الثاني عشر، فكذلك منتهى من ثبتت له الإمامة ولا يتعداه نازلا واستقرت فيه ولا إمام بعده محمد بن الحسن المهدي وهو الثاني عشر. فانظر بعين الاعتبار إلى أدوار الأقدار كيف جرت بإظهار هذه الأسرار في حجب الأستار بأنوار مشكاة الأفكار وفي هذا المقدار غنية وبلاغ لذوي الاستبصار.
ولما قضى القلم وطره من مقصوده واستنفد فيما رقمه من المقدمة غاية مجهوده، رفع رأسه عن مصافحة طرسه بسجوده، وخلع عنه من لباس نفسه سود بروده. وبعد أن تمم هذه المقدمة بختامها وختمها بتمامها وأحكم أقسام إحكامها وأحكام أقسامها لم ير الاطناب باستطلاع زيادة في فرائد قلائد نظامها ولا الاسهاب بإيناع ثمرة غير ثمارها المستخرجة من أكمامها، فعطف أعطافه وصرف لافه، وعكف سعيه وطوافه ووقف من تبعه ومصطفاه على رقم المقاصد الآتية المأتية من أبوابها، ونظم فرائد القلائد السنية في سلك سحابها، وأبرز صفات السجايا الشريفة في أرجاء جلبابها وإحراز قصبات الأجر بتأليفها لنجاة النفس يوم مآلها ومآبها، يوم ترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها، وهذا الآن أوان أن اطلق عنان القلم بجريانه في ميدان البيان وأرهق لسان تبيانه بتنضيد جواهره الحسان المزرية بقلائد العقيان، وافتتح أبواب الكتاب الموصلة من نظر فيها إلى تفصيل صفات الأئمة الأعيان المحصلة لمقتفيها تنويل قواعد عقائد الإيمان، وقد جعلت أمام الأبواب فاتحة لا بد من تلاوتها قبل الاستفتاح، ونزلتها منزلة زجاجة المصباح عند الاستصباح، فمن أصاخ لها بسمع قلبه أسمعته حيعلة الفلاح ومن أشاح عنها بوجهه دعته إلى هاوية مساوئ الاجتراح. وهي هذه:
اعلم أيدك الله بروح منه أن الأئمة الأطهار المعدودة مزاياهم في هذا المؤلف، والهداة الأبرار المقصودة سجاياهم بهذا لمصنف، لهم برسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) زيادة على اتصالهم به بالنسب الشريف، اتصالهم به بواسطة فاطمة ((عليها السلام)). فبواسطتها زادهم الله
Страница 45