الوجه الخامس: وهو وجه صباحته واضحة وأنواره لائحة، وتقريره أن نور الإمامة يهدي القلوب والعقول إلى سلوك طريق الحق ويوضح لها المقاصد في سلوك سبل النجاة، كما يهدي نور الشمس والقمر أبصار الخلائق إلى سلوك الطريق ويوضح لهم المناهج السهلة ليسلكوها والمسالك الوعرة ليتجنبوها، فهما نوران هاديان أحدهما يهدي البصائر وهو نور الإمامة، والآخر يهدي الأبصار وهو نور الشمس والقمر ولكل واحد من هذين النورين مجال يتناقلها. فمجال ذلك النور الهادي للأبصار البروج الاثني عشر التي أولها الحمل وآخرها المنتهى إليه الحوت فتنقل من واحد إلى آخر فيكون مجال النور الثاني الهادي للبصائر وهو نور الإمامة منحصرا أيضا في اثني عشر.
تنبيه قد ورد في الحديث أن الأرض بما عليها محمولة على الحوت، وفي هذا إشارة لطيفة وحكمة شريفة وهو أن مجال ذلك النور لما كان آخرها الحوت والحوت حامل لأثقال هذا الوجود ومقر العالم في الدنيا، فآخر مجال هذا النور وهو نور الإمامة أيضا حامل أثقال مصالح أديانهم وهو المهدي، وسيبين ذلك عند نزول عيسى ((عليه السلام)) لقتل الدجال ويظهر على ما نطق به الحديث النبوي وسيأتي بسط ذلك وتفصيله في موضعه إن شاء الله (تعالى).
الوجه السادس: وهو من جميع الوجوه أولاها مساقا وأجلاها إشراقا وأحلاها مذاقا وأعلاها في ذرى الحكم طباقا، وتقريره أن النبي (صلوات الله عليه وسلامه) لما قال الأئمة من قريش ذكر ذلك حاصرا به كون الأئمة من قريش. فلا يجوز أن تكون الإمامة في غير قرشي ومتى عقدت الإمامة لغير قرشي وإن كان عربيا فإنها لا تنعقد اجماعا، فقد صار هذا الوصف وهو كون محل الإمامة من قريش في درجة الاعتبار نازلا منزلة التعليل بالعلة المنصوص عليها، وكون الإنسان قرشيا
Страница 43