( قوله كان حلالا) أي كان الرزق حلالا وهو ما ورد في حوازتنا وله نص أو إجماع أو قياس جلي، سواء كان في علم الله تعالى أنه حلالا كذلك أو لا فإنه إنما تعبدنا بالظواهر لا بما غاب عنا علمه قال القزويني([21]): ومن قال إن الحلال ليس بموجود فقد طعن في الشريعة وهو أحمق حصل له ذلك من جهله، فإن الله لم يكلف الخلق عين الحلال في علم الله تعالى بل كلفهم أن يصيبوا الحلال في اعتقادهم ظنهم ا. ه.
أقول: وفي قوله في اعتقادهم وظنهم نظر لأنهم مكلفون أن يصيبوا الحلال على وفق الشريعة المحمدية لا على وفق اعتقادهم وظنهم فقط لأن الاعتقاد والظن قد يوافقان الشرع وقد يخالفه، فما وافق الشرع منهما جاز الاعتماد عليه، وما خالفه حرم التعويل عليه، وعند التحقيق فالتعويل على ظاهر الشريعة لا على نفس الاعتقاد والظن، وقد مر الكلام في آخر الركن الأول علم من يأتي الأشياء على وفق ظنه من غير علم بحكم الشرع فيه فراجعه إن شئت.
(قوله أو حراما حجرا) أي منع من تناوله، والحرام هو ما تناوله نص أو إجماع أو قياس جلي كتحريم الخمر
والدخان الملحق به في القياس لإسكاره أو يقال إنه حرام بنص السنة لدخوله تحت قوله صلى الله عليه وسلم ((وكل مسكر حرام))([22]) فلا عبرة بمن حلله زاعما أنه ليس بمسكر، و، إنما هو مرقد فقط قائلا أن الإسكار هو تغير العقل مع طرب وهذا تغيره مع انقباض فليس هو باسكار قلنا: لا نسلم أن الإسكار هو تغير العقل مع الطرب فقط بل نقول إن الاسكار هو تغير العقل مطلقا من غير قيد بطرب وانقباض لكن لا على وجه الآفة ليخرج نحو الجنون والعته فإنهما ليسا بسكر وأيضا فالحكمة التي لأجلها حرم الإسكار هي حفظ العقل عن التغير لا حفظه عن الطرب فلقط، فاندفع الإشكال والحمد لله.
Страница 90