( قوله وقبل رزقه) أي وقبل انقضاء رزقه بكسر الراء بمعنى مرزوقه وهو ما ساقه الله إليه لينتفع به سواء كان بملكه أو بدون ملكه بأن كان ملكا للغير فظلمه إياه وانتفع به سواء كان مما يؤكل أو يلبس أو يتقى به عن الحر والبرد أو نحو ذلك، كان المنتفع به عاقلا أو غير عاقل هذا مذهبنا، ومذهب جمهور الأشاعرة، ويدل عليه ما في الخبر مرفوعا عن ابن مسعود ((أن روح القدس نفث في روعي لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته))([16]) ويدل عليه أيضا قوله تعالى ((وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم))([17]) ((وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها))([18]).
(وذهبت) المعتزلة إلى أن الرزق هو ما يملك لا ما ينتفع به مطلقا قلنا وهو باطل لوجهين.
(أحدهما): أنه يلزم عليه أن يسمى ما ملكه الله تعالى رزقا له.
(وثانيهما): أنه يستلزم أن تكون الدواب وما لا ملك له غير مرزوق وكلاهما باطل.
(أما) الأول: فلاستلزامه أن يكون الرب سبحانه مرزوقا (وأما) الثاني: فلمصادمته قوله تعالى ((وكأين من دابة لا تحمل رزقها))([19]) وقوله ((وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها))([20]).
(قوله الذي له يحد) أي يقدر والموصول وصلته صفة للرزق وفيه إشارة إلى أن الرزق لا يزيد ولا ينقص على ما قدر في علمه تعالى وإن كان بعضه معلقا بالأسباب وبعضه غير معلق بها، فإن المعلق بالأسباب لا بد أن يكون معلوما لله تعالى أنه يناله فهو في علمه مقدر كذلك لعلمه بأنه يفعل السبب فيعطى ذلك الرزق المعلق به، أما إذا علم أنه لا يفعل السبب فلا ينال الرزق، فذلك الرزق من الر زق الغير المحدود له فهو يموت قبل استيفائه.
Страница 89