قالوا: ولما زحف «عمر بن سعد» قال له الحر بن يزيد:
11 «أصلحك الله، أمقاتل أنت هذا الرجل؟!»
قال: «أي والله قتالا أيسره أن تسقط الرءوس وتطيح الأيدي.»
قال: «أفما لكم في واحدة من الخصال التي عرض عليكم رضى؟»
قال عمر بن سعد: «أما والله لو كان الأمر إلي لفعلت، ولكن أميرك قد أبى ذلك؟»
قالوا: فأقبل حتى وقف من الناس موقفا، وأخذ يدنو من الحسين قليلا قليلا فقال له رجل من قومه: «إن أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل شيء أراه الآن، ولو قيل لي: «من أشجع أهل الكوفة رجلا؟» ما عدوتك في هذا الذي أرى منك.»
قال: «إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار، ووالله لا أختار على الجنة شيئا ولو قطعت وحرقت.» ثم ضرب فرسه فلحق بحسين فقال له: «جعلني الله فداك يا ابن رسول الله، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق وجعجعت بك في هذا المكان. والله الذي لا إله إلا هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا ولا يبلغون منك هذه المنزلة! فقلت في نفسي: لا أبالي أن أطيع القوم في بعض أمرهم ولا يرون أني خرجت من طاعتهم، وأما هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم. والله لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك. وإني قد جئت تائبا مما كان مني إلى ربي ومواسيا لك بنفسي حتى أموت بين يديك، أفترى ذلك لي توبة؟»
قال: «نعم يتوب الله عليك ويغفر لك، ما اسمك؟»
قال: «أنا الحر بن يزيد.»
قال: «أنت الحر كما سمتك أمك، أنت الحر إن شاء الله في الدنيا والآخرة.»
Неизвестная страница