تلاميذه (١).
وحديث الحميدي في هذا الكتاب مع ما يفيد الباحثَ من تجلية بعض جوانب ابن عبد البرّ العلمية لم يكن مستفيضًا، وإنّما ذكره بإيجاز، فذكر اسمه ونسبه وكنيته، وأشار إلى تاريخ ولادته، ووصفه بالحفظ والعلم بالقراءات والخلاف في الفقه، وذكر أنّه لم يَخرُج من الأندلس، بل جُلُّ مشيخته منها، فإنّه سمع من أكابر أهل الحديث في قرطبة وغيرها، وسمع من الغرباء الذين قدموا إليها، ونقل أنّه كان يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي ﵀ (٢).
وإلى جانب هذا الاختصار في حياة ابن عبد البرّ فإنّ الحميدي أسهب في بيان مؤلّفات مترجَمِيه في مختلف مجالات العلم، وختم الترجمة بنقل إجازة ابن عبد البرّ له
_________
= موصوفًا بالنباهة، والمعرفة، والإتقان، والدين، والورع، عفيفًا، مشتغلًا بالعلم، وكان ثقةً، إمامًا في علم الحديث وعلله، ومعرفة متونه ورواته، محقِّقًا في علم الأصول على مذهب أصحاب الحديث، متبحّرًا في علم الأدب والعربية، ولد سنة (٤٢٠)، وتوفي سنة (٤٨٨).
انظر ترجمته في: "الإكمال" لابن ماكولا، "سير أعلام النبلاء" (١٩/ ١٢٠)، "بغية الملتمس" (١/ ١٦١)، "الصلة" (٢/ ٥٦٠ - ٥٦١)، "وفيات الأعيان" (٤/ ٢٨٢)، "مقدمة الجذوة".
(١) قال الحميدي في "جذوة المقتبس" (٢/ ٥٨٨): "وقد لقيناه - أي ابن عبد البرّ - وكتب لنا بخطّه في فهرسة مسموعاته ومجموعاته، مجيزًا لنا، وكاتبًا إلينا بجميع ذلك كلّه ... ".
(٢) وهو: على خلاف المعروف من مذهب ابن عبد البرّ، فإنّ الظاهر من كتبه والمتبادر من كلامه أنّه مالكي المذهب، فهو يصرح بقوله: "أصحابنا"، أي: المالكية، و"تحصيل المذهب ... "، و"المسألة عندنا ... "، وكلّ ذلك يقصد به المالكية، هذا مع ميل واضح إلى الترجيح بالدليل واتّباع له، وهو ما ينفي عنه كلّ تعصّب وتقليد بلا نظر، والله أعلم.
1 / 28