عن الصحابة كأبي ذر وابن عباس وغيرهما وأحمد بن حنبل أنه رآه بفؤاده كما في صحيح مسلم عن ابن عباس: "رأى محمد ربه بفؤاده مرتين". وثبت عن عائشة الإنكار، فمن العلماء من قال: أنكرت رؤية العين فلا منافاة، ومنهم من جعلها قولين، فمن قال: لا يرى في الآخرة فهو جهمي ضال، ومن قال يرى في الدنيا بالفؤاد لغيره ﷺ فهو مبتدع ضال، ومن قال إنه ﷺ رآه بعينه فهو غالط، والحلولية والاتحادية يجمعون بين النفي والإثبات.
(١٨) قال في الرد على متصوفة ينتسبون إلى التحقيق والتوحيد ويجرون مع القدر:
سبب ذلك أنه ضاق نطاقهم عن كون العبد يؤمر بما يقدَّر عليه خلافه، كما ضاق نطاق القدرية عنه، فأثبتوا الأمر والنهي فقط، وأولئك أثبتوا القضاء فقط. وفي حق من شهد القدر: وهؤلاء شر من القدرية، ولهذا لم يكن في السلف من هؤلاء أحد، ولا ريب أن المشركين يترددون بين بدعة تخالف الشرع وبين احتجاج بالقدر على مخالفة الأمر. فهؤلاء الأصناف فيهم شبه من المشركين، وفيهم من يجمع بين الأمرين، كما قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾ الآية.
وقد ذكر عن المشركين ما ابتدعوا من الدين الذي فيه تحليل الحرام، والعبادة التي لم تشرع في الأنعام والأعراف، وعمدة الكل اتباع آرائهم وأهوائهم، وجعلهم ذلك حقيقة، نظير جعل المتكلمين ما ابتدعوا حقائق عقلية. وأصل ضلال الكل تقديم القياس على النص، واختيار الهوى على اتباع الأمر.
1 / 14