كانت التجارب التي حقق بها فكرته عظيمة التنوع والطرافة، فقد أخضع الأرانب لنظام غذائي عادي، ثم منع عنها الأكل من جديد، فكان بولها يصبح مرة مماثلا لبول أكلة العشب، ومرة لبول أكلة اللحوم، وأجرى تجارب مماثلة على غيرها من أكلة العشب كالحصان مثلا، وأمكنه الوصول بالتجربة إلى «أرنب آكل للحوم» يتغذى بلحم بقر مسلوق بارد.
12
أكسيد الكربون: والمثال الثاني يتعلق بأسباب التسمم بوساطة أكسيد الكربون، وهذا المثال أكثر تعقيدا لأنه ينطوي على إخفاق مؤقت عرضه صاحب التجربة باختراع فكرة جديدة.
13 (1)
سمم كلودبرنار كلبا بوساطة أكسيد الكربون، ولما شرحه وجد أن دم الحيوان قد أصبح كله قانيا كدم الشرايين. (2)
وبدا له، لأول وهلة، أن كل الدم، حتى دم الأوردة، قد أصبح «شريانيا» أي يشتمل على شحنة من الأكسجين حال تأثير المادة السامة دون تركها في الأنسجة، واستبدال الحامض الكربوني بها. (3)
على أن التحقيق أثبت بطلان الفكرة، إذ لو كانت صحيحة لوجب أن ينتج ماء عند إضافة هيدروجين إلى الدم، ولكن هذا لم يحدث، ولم يحدث تفاعل بين الدم والهيدروجين. (4)
ولكن كلودبرنار كان قد احتاط باستخدام عينات من الدم مأخوذة من الأوردة والشرايين معا، أما أن دم الأوردة لا يحتوي على الأكسجين، فذلك أمر لا غرابة فيه، ولكنه أيضا لا يحتوي على حمض كربوني، ثم إن لونه كلون دم الشرايين، وهنا يقول كلودبرنار «لقد استنفدت عندئذ كل ما في ذهني من تخمينات.» ولكنه استقر أخيرا على الاستدلال التالي: إذا لم يكن هناك أكسجين فذلك يرجع إلى أن أكسيد الكربون قد حل محله، بحيث أصبح الدم عندئذ عاجزا عن تثبيت الأكسجين، أما مظهره الشرياني فيرجع بلا شك إلى أن أكسيد الكربون قد ثبت على الكريات الحمراء. (5)
وتمت مرحلة التجريب في الزجاج
in vitro ، أي في وعاء من الزجاج، أو بعبارة أخرى خارج الكائن العضوي، وفي بيئة من الجماد، فأخذ كلودبارنار دما شريانيا سليما وسممه في أنبوبة اختبار، وأمكنه أن يتتبع كيميائيا حلول أكسيد الكربون بالتدريج محل الأكسجين.
Неизвестная страница