المقصد الثالث في بيان ما للمالكية في ذلك
اعلم أن الإمام ابن بطال من أئمتهم، ذكر في شرحه على البخاري كلاما في أن الفاضل من كسوة الكعبة، هل يصرف على أهل الحاجة أو لا؟ ومن جملته أن قسمة ما فضل عن الكسوة على أهل الحاجة أولى من قسمة المال الفاضل.
ووجه ذلك بأن المال يمكن نفقته فيما تحتاج إليه الكعبة في إصلاح ما وهى منها وفي وقود وأجرة قيم، والكسوة لا تدعو لفاضلها ضرورة)). اه.
أي: فإذا جاز صرف فاضل المال، مع أنه قد تحتاج لصرفه فيما ذكر، فأولى أن يجوز صرف فاضل الكسوة التي لا يحتاج إليه.
وإذا تأملت هذا التوجيه الذي ذكره، وجدته مصرحا بأن ما وهى من الكعبة يصلح، وأن مالها يصرف في إصلاحه، نظير ما مر عن أئمتنا، وحينئذ فما قاله موافق لمذهبنا الذي قدمته.
وبهذا يرد ما نقل عن بعض المالكية، أنه نقل لهم في عقد المجلس السابق عن أئمة مذهبه، أنه لا يجوز التعرض للكعبة بإصلاح شيء منها وإن تهدم وتشعث حتى يسقط، موافقة لما مر عن آخرين قالوا ذلك من غير مذهبه.
Страница 55