قال همام: نتوجه معا إليه إن لم تجد عارا في مرافقتي.
قال فؤاد: أستغفر الله يا خالي، يحصل لي الفخر، وأزيد شرفا بمرافقتك، على أن صديقي مريض، وقد لا تسرك عيادته، وأخشى أنك تتضايق من ذلك.
قال همام: كفاك شطارة يا فؤاد، فمن أين تعلمت الكذب، وكيف اهتديت إلى الحيل؟ أراك تحاول الهرب مني وتنتحل الأسباب، فما تبرع في حيلتك، فلا شك أنك حديث عهد بهذه الطريقة، فوالله إني أراهن على أنك ناهض في زيارة صديقة لا صديق لك، وبرهاني على ذلك سكناك في مصر العتيقة وترديدك الوفادة إليها يوميا، فلو كان من تزوره أو تعوده صديقا لما كلفت نفسك عناء الركوب في كل يوم إليه، ولو بلغت درجة صداقته ما تبلغ من التمكن، فالمزور امرأة رفيقة لك، وهي في حالة الصحة واعتدال المزاج بدليل أنها مقيمة في مصر العتيقة بعيدا عن وسائل المعالجة، فلا يغمنك اكتشافي أسرارك وخفاياك ومعرفة حقيقة أمرك، ولا تلمني، فأنت تعهدني حر الضمير في نقيض أمك، ولا تزعمن أني ألومك باتخاذ صاحبة لك، فذلك عندي خير من ملابسة العواهر.
قال فؤاد وقد احمر وجهه: لم تصب يا خالي الصواب في قولك، فإني لم أرافق امرأة، وبون بين ما تدعي وبين الحقيقة، وما يحمل بك سوء الظن بي.
قال همام: جرت العادة عند الشبان الإنكار، فينفون عن أنفسهم تهمة مرافقة النساء، فاجتهادهم في تأكيد النفي برهان على ثبوت ما ينسب إليهم، ولا يدخل في ظني أن معشوقتك بكر عذراء.
فلما سمع فؤاد كلام خاله أيقن أنه يجهل حقيقته، فانشرح صدره، وأراد أن يزيده ضلالا على ضلاله، ويخفي عنه أمر عفيفة فقال له: لله درك، ما أشد حذقك وأثقب فراستك! فلا يفوتك شيء، إلا أن لهذه المرأة المعشوقة زوجا سيئ الطباع كثير الغضب شريرا.
قال همام: لئن كان شريرا غضوبا فلن يمنعك شره وغضبه من نوال الإرب وقضاء الوطر، بل قد يكون خبثه داعيا لتمكين المودة بينك وبينها، فبالله عليك أن تخبرني بعض الخبر عن وصيفتك المعشوقة.
قال فؤاد: يكون من سوء الأدب أني أبوح بشيء من ذلك.
قال همام: ما طلبت التعريف عن اسمها وعن أهلها، إنما أسألك مثلا عن عمرها.
قال فؤاد: وما الفائدة من معرفة عمرها؟
Неизвестная страница