من الحطام، وخرجت لتحضر ما تيسر من الطعام. وإذا بأبيها قد هجم هجوم الأسد، على النقد. وقال: ويلك يا عدو الله ما كفاك أن تكون فاسقًا حتى صرت سارقًا فلأقيمن عليك الحد والقطع، ولأجعلنك عبرة إلى يوم الجمع! فطارت نفس الفتى شعاعًا، واستطار فؤاده ارتياعًا! وجعل يتهطر لديه بالسؤال، ويدمث له المقال والشيخ يشمخ بأنفه، ويهز من عطفه، ويرمح برجله ويشير بكفه فكاد الفتى يذوب من الحياء، وظن أن صاعقة هبطت عليه من السماء، فانقاد إليه انقياد الأسير، وقال: قد فديت نفسي بهذه الدنانير قال: قد قبلتها منة الكرام، على أن لا تتعرض لبنات الأعجام. فذهل الفتى عن معرفته بالتلميح، وما صدق أن أطلق ساقيه للريح، فمضى ينهب الطريق، والشيخ من خلفه يهدر كالفنيق. حتى إذا ثاب إلى الوقار، وقف بعرصة الدار. وأنشد:
يا هل ترى أين سهيل يطلع ... يا ليته كان يرى ويسمع
1 / 59