والشجر مشترك في الجسمية اشتراكًا واحدًا من غير تفاوت البتة إلا في أمر مختلف خارج الجسمية وحدها. وأما هاهنا فوجه تعلق القدرة بالمقدور مختلف فقد عرفت أن الاسم الواحد يعتر به عن شيئين إما بالتواطؤ وإما بالاشتراك، وإما هذا القسم الثالث فبينهما فلنخترع له اسم المردد ليكون بإزاء الأقسام الثلاثة المعقولة ألفاظ ثلاثة معقولة. فهذا وأمثاله إذا وقعت الغفلة عنه خرج القياس عن النمط الذي ذكرناه فلم يكن منتجًا، إذ بطل به ازدواج المقدمتين حيث جعل الحد المشترك ما هو مشترك باللفظ لا بالحقيقة.
المدخل الثالث: أن لا يكون نظمه جامعًا للشروط التي ذكرنا بعد وقوع الاشتراك بين المقدمتين بأن ألّف من مقدمتين نافيتين أو جزئيتين، أو كان من النظم الأول ومقدمة المحكوم عليه نافية أو مقدمة الحكم غير عامة، أو كان من النظم الثاني وقد طلب منه نتيجة مثبتة، أو من النظم الثالث وقد طلب منه نتيجة عامة. وقد ذكرنا أمثلة هذا.
المدخل الرابع: أن لا تكون مفردات المعارف، أعني الأجزاء الأول متمايزة منفصلة بالحقيقة بل ملتفة مختلطة متضمنة لأمور متعددة، كان تقول مثلًا في مسالة ضمان المنافع بالإتلاف أنها تضمن لأن كل من أتلف مالًا ضمنه وغاصب الدار قد أتلف مالًا فيضمنه، فقوله الغاصب أتلف مالًا ذكر فيه مفردين المال والإِتلاف وطوى تحتهما أمورًا كثيرة تلبيسًا، إذ لا تصدق هذه المقدمة ما لم يبيّن أن المنافع أولًا موجودة وقد أنكر وجودها بعض الناس ولا يتلف إلا موجود، وثانيًا أن يبين أنها باقية إذ الإِتلاف يستدعي البقاء وإلا تما يفني بنفسه كيف يتلف. وثالثًا أنها أموال وًان كل ما يتلف يضمن، فإن من فوت منافع بضائع الأمة كمن غصب بضاعة تاجر وحبسها سنة فمد فوت الربح ولا يضمن. ورابعًا أن يبيّن أنه مال فإن ذلك لا يسلم وذلك بأن يذكر حد المال. وخامسًا أن يبين أن كل مال مضمون، فإن الحبة الواحدة مال ولا تضمن. وسادسًا أن يبين أن ضمانه ممكن فما لا يمكن ضمانه لا يمكن الحكم به والضمان مثل والمنافع أعراض فلا يمكن مقابلتها بها، ولقوله قد أتلف مالًا مفردان تضمّنا هذه الأمور الكثيرة فلا يدري لعل التلبيس تطرق إلى واحد من هذه المراتب،.ومثاله من الكلام من يثبت حدوث الأعراض مثلًا، فإنا نقول كلما رأيناه الآن في محل ورأينا من قبله ضده فهو حادث، وبياض الشعر مثلًا رأيناه الآن ونرى قبله ضده فهو أيضًا حأدث، فهذا غير كاف ما لم يبين أولًا أن ما يدرك
1 / 248