نمط من الجملة المذكورة، وذلك بأن تكون النتيجة مطلوبة من مقدمة واحدة بالحقيقة، وأعني بها ما ليست من مقدمتين أصلًا أو تكون من مقدمتين بالقوة ولكن ليس فيهما واسطة مكرّرة يقع بها الازدواج والاشتراك. وعدم الاشتراك إن كان في اللفظ والمعنى يسهل دركه، إذ يعلم أنه لا تحصل نتيجة إن قلنا السماء فوقنا والشمس أصغر فإنهما مقدمتان لا يتداخلان. وإذا كان الاشتراك باللفظ لا بالمعنى فلا يكون ذلك إلا بسبب استعمال لفظ مشترك كلفظ المختار وسائر أقسامه التي ذكرناها وان أهملنا بعضها وننبّه الآن على أمور خفية مما أهملناه ليستدل بها على ذلك وهي أربعة: الأول: أن يكون الاشتراك في أداة من الأدوات أو ما يستعمل رابطة في نظم الكلام، كقوله كل ما يعلمه الله فهو كما يعلمه والله يعلم الجوهر فهو إذًا كالجوهر، ووجه الغلط أن هو مشترك الدلالة بجن أن يرجع إلى كل ما تبتين أنه يرجع إلى العالم وبين أن يرجع إلى الله ﷾. وهذا وإن كان هاهنا واضحًا فإنه تخفى أمثاله في مواضع.
الثاني: بأن تكون المقدمة بحيث تصدق مجتمعة فيظن أنها تصدق مفترقة بسبب حروف النسق بأن يصدق أن يقال الخمسة زوج وفرد، أي فيه اثنان وثلاثة فيظن أنه يصدق أن يقال هو زوج أيضًا، لأن الواو قد تطلق ويراد بها جميع الاجزاء، كما يقال الإنسان حيوان وجسم وقد تطلق ويراد بها بعض الأجزاء، كالمثال السابق. وكما يقال العالم جواهر وأعراض أي بعضه جواهر وبعضه أعراض.
الثالث: ما يصدق مفترقًا، فيظن أنه يصدق مجتمعًا، كما يصح أن يقال زيد بصير أي في الخياطة وزيد جاهل أي في الطب، فقد صدق كل واحد مفردًا، ولو قلت زيد بصير جاهل كان متناقضًا.
الرابع: ألفاظ تواطىء المتواطئة من وجه وهو الذي تتناوله الأشياء المتعددة التي تختلف ني الحقائق وتتفق في عوارض لازمة إما قريبة أو بعيدة، كقولك أن فعل العبد مقدور عليه للعبد ولله تعالى أي للعبد كسبًا ولله اختراعًا، فكل واحد يشترك في أنه يسقى مقدورًا عليه أعي مقدورًا للعبد ومقدورًا لهّ ﷾، ولكن تعلق قدرة الله تعالى مخالفة لتعلّق قدرة العبد وقدرة الله تعالى مخالفة لقدرة العبد، فإن شبّهت هذا بالمشترك المحض فقد أخطأت، إذ لا شركة بين المسميين كالمشترى ولفظ العين إلا في اللفظ، إذ عبرنا بالشترك عن المختلفات في الحد والحقيقة المتساوية في التلقيب فقط، وها هنا لا بد من اعتقاد مشاركة ما. وإن شبّهت بالمتواطئة فقد ظلمت، فإن المتواطئة هي المتساوية في الحد، فإن السماء والإِنسان
1 / 247