صنف، فإنه يشبع ويروى، ويصدّ ويصدف الى غيره.
وأمّا العلم فإنّه أوسع من أن يحاط به، فمن طلبه لشرفه وفخره فإنه لا حدّ له ولا نهاية، ولم يزدد له طلبا إلّا ازداد فيه رغبة. ومن طلب منه مقدار كفايته وحاجته كفاه منه اليسير. على أنه لا يملك من كثر علمه أن يرى فيه الغنى والكبرياء أيضا. وقد يملّ كما يملّ كلّ شيء. وتملّ العين أيضا منه ومن المال.
وقيل: اثنان منهومان: طالب علم وطالب دنيا. وهذه القضيّة تدلّ على الخروج عن العقل، لأن النّهم تجاوز القدر.
وأمّا الحرص على الممنوع الذي لا ينتفع به، والعجب مما يتعجّب من مثله، فليس من أخلاق العقلاء. وما لم يكن في أخلاقهم فلا نظر فيه ولا قياس عليه، وإنما ذلك فعل من استوحش من الحجّة، وشرد عن علم العلل والأسباب.
[٧- اكثر الأمور عرضة لافشاء السر]
وإفشاء السرّ إنما يوكّل بالخبر الرائع، والخطب الجليل، والدفين المغمور، والأشنع الأبلق، مثل سرّ الأديان لغلبة الهوى عليها، وتضاغن أهلها بالاختلاف والتضادّ، والولاية والعداوة. ومثل سرّ الملوك في كيد أعدائهم ومكنون شهواتهم ومستور تدبيراتهم، ثم من يليهم من العظماء والجلّة، لنفاسة الملوك على العوامّ، وأنّهم سماء مظلّة عليهم، أعينهم إليها سامية، وقلوبهم بها معلّقة، ورغباتهم ورهباتهم إليها مصروفة. ثم عداوات الإخوان، فإنّما صارت العداوة بعد المودّة أشدّ لاطّلاع الصديق على سرّ صديقه، وإحصائه معايبه، وربّما كان في حال الصّداقة يجمع عليه السّقطات ويحصى العيوب، ويحتفظ بالرّقاع، إرصادا ليوم النّبوة، وإعدادا لحال
1 / 100