ولا أدرى بماذا يجيب هؤلاء لو سألتهم من خلق هذه الصور الجميلة، التي طارت بألباب الشعراء؟ وصيرتهم في كل واد يهيمون؟ أتراهم يقولون إنها من خلق الله، أم من خلق الشيطان؟ فإذا كانت من خلق الله، فلم ينكرون علينا أن نتغنى بصنعه البديع؟ وإن كانت من خلق الشيطان، فلم لا يمحون الحسن من وجوه الحسان؛ لأنه من عمل الشيطان الرجيم؟
آمنت بالله وكفرت بما لهم من منطق مقلوب!
يريد جماعة ممن أظلمت الدنيا في وجوههم، وعموا عن صنع الله الذي أتقن كل شيء، ماذا يريدون؟ إنهم يريدون أن أجاريهم في عمايتهم، وأن أسايرهم في جهالتهم، فلا أكتب في غير ما يروقهم من ذم الدنيا، والتبرم بالوجود! ولكني عرفت ما لم يعرفوا من «أفنان الجمال» في هذه الدنيا البديعة التي حملت الغزالي على أن يصرح بأن ليس بالإمكان أبدع مما كان، فعدت خليقا بحمد الحسن، والتقديس له، كلما أمعنوا هم في الجحود!
يقولون إن مدامع العشاق التي أنشرها في جريدة الصباح مما يفسد الشباب، وذلك منهم جهل بأسرار الجمال، وما له من الأثر في تهذيب النفوس، وتثقيف العقول. ويهددون ويوعدون بالويل والثبور، إذا أنا مضيت في هذا البحث الشائق الطريف! فهل حسب هؤلاء السفهاء أني أكتب لهم حتى أنزل عند رأيهم السخيف المأفون!
أبينا أن نطيعكم أبينا
فلا تلقوا نصيحتكم إلينا
ركبنا في الهوى خطرا فإما
لنا ما قد كسبنا أو علينا
ولو لم يرض ربك ما أردنا
لما أعطى لنا أذنا وعينا
Неизвестная страница