Баталии арабов в Андалусии
معارك العرب في الأندلس
Жанры
لم تحافظ عليه مثل الرجال
ولا يزال هذا الموضع يسمى إلى اليوم «زفرة المغربي».
وأقام أبو عبد الله بأندرش إلى سنة 1492م/898ه، ثم عبر البحر إلى المغرب، ونزل بفاس فاتخذها مقرا حتى مات.
خلت غرناطة من ملوكها بني الأحمر، ولكنها بقيت آهلة بالمسلمين، يزاولون فيها أعمالهم مطمئنين إلى عهد فردينان، حاسبين أن الإسبان مقيمون عليه طويلا لا ينقضون شروطه، فيتسنى لهم مع الزمن أن يجددوا قواهم، ويستأنفوا جهادهم لاسترداد سابق عزهم وسلطانهم، فإذا كان ما نالهم من ذل وانكسار عقابا سماويا على آثام اقترفوها، أو اقترفها حكامهم وزعماؤهم، فلن يتخلى الله عنهم، فيأذن ببقائهم خاضعين لحكم النصارى، والنبوات التي يسمعونها من أفواه الذين يقال إن لهم زلفى عند الله؛ تبعث في نفوسهم أملا حيا، وتبشر بقرب الخلاص، وانتهاء العقاب.
ومهما تكن شروط العهد سخية شريفة، فهي لا تعدو أن تكون شروط الغالب على المغلوب، تطالعه أبدا بزوال دولته، ووجوب خضوعه للمسيطر الغريب، وما تعودوا من قبل أن يخضعوا إلا لأبناء ملتهم، بل كانوا يتبرمون بحكم سلاطين المغرب، ويعتبرونهم دخلاء عليهم، مع أنهم مسلمون ويتكلمون العربية، فكيف يرضون حكم الإسبانيين وهم غرباء عنهم في الدين والجنس واللسان؟! فلماذا لا يسعون بكل ما لديهم من الوسائل لتحطيم هذا النير الثقيل؟! فعهد فردينان قد ترك لهم الحرية في السفر إلى الأمصار الإفريقية لتعاطي التجارة؛ فبوسعهم أن يتصلوا بسلاطينها، ويحرضوهم على تجريد حملة قوية تنقذ الأندلس المسلمة.
وما يمنعهم أن يستنجدوا المماليك في مصر، أو يفزعوا إلى الدولة العثمانية وهي في فتوتها ونشاطها، وإبان مطامعها، ممالك أوروبة تداريها وتخشاها بعد أن واتاها الحظ، فافتتحت القسطنطينية سنة 1453، وجعلتها قاعدة لها؛ فجثمت على الشاطئين، بيدها مفاتيح الشرق والغرب.
دولة مسلمة مكينة العقيدة، تطمح إلى الخلافة لتصبح باسم الشرع حامية الإسلام، فلا بدع أن يجد الأندلسيون عندها عطفا وتشجيعا كما وجدوا عند سلاطين المغرب وإفريقية ومصر، فتصبح بعد ذلك شواطئ الأندلس غرضا لغارات القرصان المسلمين يعيثون فيها وينشرون الذعر والاضطراب، فكانت هذه الغارات كافية لتحريك الأندلسيين مع انتظارهم القوة التي وعدت إفريقية بإرسالها، وهم لا تنقصهم الشجاعة، ولا العصبية الدينية، ولا كره الغريب البغيض، ومن جملة تساهل العهد معهم أن ترك لهم أسلحتهم فكأنه أعدهم للقيام بالثورة، ولا سيما سكان الجبال الوعرة كالبشرات.
ولم يكن المسلمون منحصرين في غرناطة وحدها، بل ظلت سائر الولايات الإسبانية حافلة بهم بعدما استردها المسيحيون، فإن فردينان رأى من الخير أن يستبقيهم ويعطيهم ذمة المدجنين؛ لئلا ينقص عدد السكان فتتأثر التجارة والزراعة، فوجود هؤلاء في قلب إسبانية أشبه شيء بقوة خفية مبثوثة تعتمد عليها غرناطة إذا هبت ثائرة، وغير مستصعب عليهم أن يتفاوضوا ويتفاهموا ليجمعوا أمرهم على خطة يضعونها ما دام التاجر الغرناطي يحق له - كالتاجر الإسباني - أن يتردد في مملكتي قشتالة وأرغون، فلم يمض على العهد بضع سنوات حتى أخذ الجبليون ينتقضون ويثورون، وبدأت قشتالة تفكر بإلغاء العهد أو تعديل شروطه.
والظاهر أن أول فكرة خطرت لها حفاظا على الأمن وتحقيقا للوحدة القومية -هي تنصير المسلمين وتعليمهم لغة البلاد وعاداتها؛ لأن الإسبانيين اعتقدوا أن هذا الشعب الغريب لن يندمج فيهم ما دام متمسكا بدينه وعاداته ولغته، ولعل تساهلهم في شروط العهد كان ترغيبا له في الحكم الإسباني إلى أن يتمكنوا من تنصيره أو تنصير أولاده على تمادي الزمن.
وقد عبر عن هذه الفكرة رئيس أساقفة غرناطة الدون فرناندو دو تالافيرا (Fernando de Talavera)
Неизвестная страница