والبحث عن الجمال أقدم من اسم العلم (علم الجمال) أو (الاسثتيقي)؛
7
فقد بحث فلاسفة اليونان في الجمال، وقد غلبت على سقراط الآراء الأخلاقية - كما حكى عنه زينفون - فعد الجميل مرادفا للنافع،
8
ورأى أفلاطون في كتابه (هبياس الأكبر)
9
أن الجمال شيء إلهي يرادف الخير، وأنه معنى مطلق مجرد غير قابل للتغير، وقرر أن روح الإنسان قد تمتعت بالجمال الأزلي في الحياة الأولى قبل أن تحل بالأجسام في هذا العالم، ومن أجل هذا إذا رأى شيئا فيه نفحة من الجمال أخذته الروعة لتذكر ما كان فيه، ومن رأي أفلاطون أن الجمال معنى في الشيء مستقل عن حواسنا، ولكن العلماء العصريين - ولا سيما من يوم أن ظهر مذهب النشوء والارتقاء - ذهبوا إلى أن الجمال ليس معنى في الشيء نفسه، بل معنى يوجده إحساسنا وحواسنا، وعلى رأي أفلاطون يكون هناك جمال مطلق تشترك فيه كل الأشياء الجميلة، كذلك أرسطو ألف كتابا في الشعر وبحث فيه في «الفنون».
أما في القرون الوسطى فلم يوجهوا أي التفات إلى «علم الجمال»، ثم كان لما اشتهر به الإنجليز من الذوق الفطري أثر في الفلسفة الإنجليزية وفي نظريات علم الجمال؛ ففي الفلسفة كانت همة فلاسفتهم موجهة إلى التجارب ولم يكونوا يمعنون النظر في الأشياء نفسها، وإنما في تأثير هذه الأشياء في حواس الإنسان وطابعه وطبيعته، وكان علم الجمال عندهم فرعا من فروع الفلسفة التي اهتموا بها، وفي علم الجمال كان أول بحث علمائهم في التأثير الذي يحدثه التأمل في الجمال، ثم انتقلوا منه إلى البحث في الصفات التي يجب أن يتصف بها الشيء ليكون له ذلك التأثير.
ومن الفلاسفة الذين رقوا نظريات هذا الفرع من الفلسفة: «لوك» و«كدورث» و«هوم» و«هوجارت» و«برك» و«شافتسبري» و«هتشسون» و«ريد»، ومن الألمان: «فنكلمان» و«لسنج» و«هردر» و«كانت». و«كانت» هو القائل في كتابه (نقد العقل المجرد): «يجب ألا نبحث أولا في الجميل نفسه، بل في حكمنا الشخصي وذوقنا.» وهو الذي قرر - كما ذكرنا قبل - أن لذة الجمال يجب أن تكون مقصودة لذاتها لا لغاية وراءها، وجاء الشاعر «شلر» فرقى نظريات «كانت»، وكان يرى أن حاسة الجمال ليست إلا عند الإنسان، وقد تبين خطأ هذه بواسطة «علم النشوء والارتقاء»، ومن آراء شلر أن أصل الفن هو ميل الإنسان إلى اللعب، وقد بحثت هذه النظرية بعد بحثا أوسع مما ذكره شلر. وهنا يحسن بنا أن نذكر من الفلاسفة - غير من ذكرنا - «هجل» و«شلنج» و«شوبنهور» و«فخنر» الألمانيين ، و«تين » الفرنسي، و«رسكن» الإنجليزي، و«هيبرج» الدانيمركي، و«بيلنسكي» الروسي إلى غيرهم ممن لا تسعه هذه الرسالة.
هوامش
Неизвестная страница