217

قالوا: ولما استجاب ليحيى من استجاب تغيرت أحوال هارون، وقطع الخمر، ولبس الصوف، وافترش اللبود، وتحلى بغير ما يعتاده من العبادة والصلاح، وعلم أنه لا يطيق على أخذ يحيى قسرا، فأعمل الحيلة في إخراجه من هناك فوجه الفضل بن يحيى في خمسين ألف مقاتل، وألزمه التوصل في إخراج يحيى بما أمكن من الحيلة واجتهد الفضل في ذلك إزالة للتهمة عن نفسه؛ لأنه كان قد سعي به إلى هارون، وقيل: إنه يعرف مكانه، وأنه كتب له مسطورا يعرضه على أهل كل جهة ألا يتعرضوا له بحال، فلما جهز الفضل بن يحيى بالخيل والأموال الجليلة،[و] أمره أن يبذل لجستان ما يحب من الأموال، فلما وصل الفضل إلى هناك عرض على ملك الديلم الأموال الجليلة ليخرج يحيى من بلاده فامتنع جستان من ذلك، وكان الفضل [قد] عرف أن امرأة جستان غالبة عليه فطمع فيه من جهتها، فأنفذ إليها من الألطاف والجواهر والطيب والثياب حتى أرضاها، فأشارت على جستان، فأراد تسليمه في قصة طويلة؛ شهد عليه فيها فوق ألف من علماء الإسلام أنه عبد لهارون، وانخدع جستان، فقال يحيى: إن كان ولابد فاتركني آخذ لي ولأصحابي الأمان، فكتب له هارون أمانا عرضه يحيى عليه السلام على جميع علماء الإسلام، فكلهم يقول: هذا لا ينقضه ناقض، وهذه نسخة الأمان التي وضعها هارون إلى يحيى بن عبد الله -عليه السلام- :

Страница 317