التوقير، وهو من أعظم مظاهر حبه، ومن آكد حقوقه ﷺ على أمته، كما أنه من أهم واجبات الدين.
وهذا التعظيم مثل المحبة من حيث كونه تابعا للمعرفة، فعلى قدر المعرفة يكون التعظيم وتكون المحبة.
لذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم أكثر الناس حبا وتعظيم لرسول الله ﷺ لمعايشتهم له وقربهم منه. وتعظيم النبي ﷺ يكون بالقلب، واللسان والجوارح، فالتعظيم بالقلب هو ما يستلزم اعتقاد كونه رسولا اصطفاه الله برسالته، وخصه بنبوته، وأعلى قدره، ورفع ذكره، وفضله على سائر الخلق أجمعين، كما يستلزم تقديم محبته على النفس والولد والوالد والناس أجمعين.
أما التعظيم باللسان فيكون بالثناء عليه بما هو أهله، مما أثنى به على نفسه، أو أثنى به عليه ربه من غير غلو ولا تقصير، ويدخل في ذلك الصلاة والسلام عليه، كما يشمل الأدب في الخطاب معه والحديث عنه ﷺ.
وأما التعظيم بالجوارح فيشمل العمل بطاعته، وتجديد متابعته، وموافقته في حب ما يحبه، وبغض ما يبغضه والسعي في إظهار دينه، ونصرة شريعته، والذب عنه وصون حرمته (١) .
وعلى ذلك فاساس التعظيم للنبي ﷺ وقاعدته التي ينبني عليها هو تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما عنه نهي وزجر، وعبادة الله بما شرع. فمن فقد هذا الأساس أو أخل به فقد أخل بتعظيمه وتوقيره ﷺ. وهذا الإخلال يأتي من أمرين كليهما على طرفي نقيض:
أولهما: الجفاء والتفريط في حقوقه ﷺ. وذلك كنسبته إلى ما لا يليق بمقام النبوة كالطعن في صدقه أو أمانته وعدالته وذلك كصنيع ذي الخويصرة التميمي الذي طعن في قسمة رسول الله ﷺ للغنائم كما روي ذلك البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: