فقال كالمعتذر: حسبي العبادة والتقوى.
وما أخلف الظن في ذلك وما حاد عن الصراط، وها هو يتذكر بتلقائية قول الشيخ: «ما أجدرك بالعشق!» ترى هل يجدر به أن يزور الشيخ مستنصحا؟ .. ولكنه خاف، وسلم بأن سره جدير بأن يطوى في الصدر .. راح يتابع تيار النساء المحجبات .. هل يمكن أن تكون حبيبته إحداهن؟ إنها موجودة على أي حال، ما يداخله شك في ذلك .. موجودة في مكان ما وفي هذا الزمان دون غيره .. لعل أشواقنا تهيم في جنون مجدة وراء التلاقي .. لعل الذي صنع معجزة الحلم يعد بمعجزة أخرى تأويله وتحقيقه .. لا يمكن أن يتلاشى حلم كهذا كأن لم يكن .. لا يمكن أن تشتعل أشواق بهذه القوة دونما سبب أو غاية .. لا بد أن يصل العاشق .. بالعقل أو الجنون لا بد أن يصل .. ولكن ما أضيع الباحث بلا دليل!
9
سعد الوزير دندان برجوع دنيازاد إلى داره الرحيبة، أما الأم فعانت وحدها - بعد دنيازاد - معاشرة السر الأليم .. قالت لابنتها بحزن وغضب: زلت قدمك يا دنيازاد.
فقالت دنيازاد باكية: إني مسلمة أمري لرب العالمين. - لن تكون العاقبة خيرا.
فكررت باستسلام: إني مسلمة أمري لرب العالمين.
وعندما لاحت الأمارات كالنذير، أقدمت المرأة على إجهاض ابنتها مستغفرة ربها .. وقالت بأسى: نحن نؤجل البلاء، ولكن ما العمل إذا جاء عريس؟
فهتفت دنيازاد: لا رغبة لي في الزواج. - وماذا نقول لأبيك إذا وجده كفئا؟
فرددت دنيازاد: إني مسلمة أمري لرب العالمين.
وإذ خلت إلى نفسها تناست الأخطار المحدقة بها فلم تذكر إلا حبيبها الغائب .. عند ذاك تستهين بالموت، ولا تأبه للعار، وتتساءل بوجد وعذاب: أين أنت يا حبيبي؟ كيف وصلت إلي؟ ما سرك؟ ماذا يبعدك عني؟ ألم يأسرك جمالي كما أسرني جمالك؟ ألم تلفحك النار المشتعلة في روحي؟ ألا ترق لعذابي؟ ألا تفتقد حبي وأشواقي؟
Неизвестная страница