الْملك أَبُو الْقَاسِم مَحْمُود بن نَاصِر الدّين: كَانَ يَقُول: حسن صُورَة الْإِنْسَان عناية الله عز ذكره، فَمن أحسن صورته ألْقى عَلَيْهِ محبته، وأحبته الْقُلُوب وارتاحت لَهُ النُّفُوس. وَقعد يَوْمًا لعرض الْعَسْكَر فقرىء عَلَيْهِ ذكر فَتى من أَبنَاء الموَالِي: حِين بقل وَجهه - وَكَانَ مَذْكُورا بالجمال، فَقَالَ: اكتبوا حِين بَطل وَجهه. وَلما فتح سجستان قيل لَهُ: هَذِه تسمى الْمَدِينَة الْعَذْرَاء، فَقَالَ: أما نَحن فقد تركناها عفلاء. وَقيل لَهُ مَوْلَانَا بطيء الْحَبْس، فَقَالَ: لأبي غير سريع الْقَتْل. وَكَانَ يَقُول: نَحن نوجب الصلات كَالصَّلَاةِ. وشكره الْأَمِير نصر أَخُوهُ على عدله وبذله، فَقَالَ: يَا أخي مَا ننويه أَكثر مِمَّا نأتيه.
فصل فِي لطائف سَائِر الظرفاء من سَائِر الطَّبَقَات
" جحظة الْبَرْمَكِي: استزاره " ابْن " المعتز، فَكتب إِلَيْهِ جحظة: كنت على أَن أُجِيب دَاعِي مَوْلَانَا، فقطعني عَن خدمته انْقِطَاع شريان الْغَمَام. وَركب إِلَى بعض البخلاء، فَقَالَ لَهُ غلمانه: إِنَّه مَحْمُوم، فَقَالَ: كلوا بِحَضْرَتِهِ حَتَّى يعرق. أَبُو الْحسن بن فَارس: رأى بعض أَصْحَابنَا يفرط فِي الْجزع على ثوب سرق مِنْهُ، فَقَالَ: هون عَلَيْك نَفسك؟ فَلَيْسَ بقميص يُوسُف ﵇، وَلَا بردة النَّبِي ﷺ، وَلَا كسَاء أهل الْبَيْت، وَلَا ديباجة الْوَجْه، وَلَا رِدَاء الشَّبَاب. أَبُو ... ... .: قَالَ ابْن المعتز ﴿قلت لَهُ: كم لقِيت من الْبلدَانِ، قَالَ: لَا تسئل﴾ فَإِن شيطاني كَانَ من الفيوج. قَالَ: وَوصف سر من رأى، فَقَالَ: نُسَمِّيه " يغذو الْأَرْوَاح " وَوصف بَلْدَة فَقَالَ: أَهلهَا يعيشون فِي ظلّ الْكِفَايَة. " ابْن قريعة " ذكر الصاحب فِي كتاب الروزنامجة إِلَى ابْن العميد، فَقَالَ: شيخ يخف على الرّوح ظريف الْجُمْلَة وَالتَّفْصِيل، وَله نَوَادِر طيبَة وملح عَجِيبَة، فَمِنْهَا: إِن كهلا تطايب بِحَضْرَة الْأُسْتَاذ أبي مُحَمَّد سَأَلَهُ عَن حد الْقَفَا - يُرِيد تخجيله، فَقَالَ: مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ جربانك، ومازحك فِيهِ إخوانك وأدبك عَلَيْهِ سلطانك، وباسطك فِيهِ غلمانك، هَذِه حُدُود أَرْبَعَة. القَاضِي
1 / 54