وإذا كان «الكل» غير مخلوق فكيف يمكن أن يستنتج من هذا وحده أنه لامتناه، وأنه لا يمكن أن يوجد أيضا واحد بعينه أو آخر يكون متناهيا مثله؟ ولماذا يستلزم كونه غير مخلوق التسليم فوق ذلك بأنه واحد وأنه لامتناه بهذا السبب وحده؟ وكيف حينئذ يكون اللامتناهي هو ذلك «الكل» الذي يتوهمونه؟
36
يقول ميليسوس إن الموجود لا متحرك إذا كان ليس ثم من خلو؛ لأن الأشياء لا تتحرك ألبتة إلا بأن تتغير بالأين، غير أنه بادئ بدء كثير من الناس من لا يوافقون على هذه النقطة ومع تسليمهم بوجود الخلو فإنهم لا يقبلون أن يكون جسما. يمكن أن يعني بالأشياء هنا نحو ما يعنيه بها هيزيود حين يقول في الخلقة: «إنما هو العماء الذي ظهر بادئ الأمر» مفترضا بذلك أنه كان يلزم قبل كل شيء أن يوجد محل للموجودات هذا هو ما يعني بالخلو الذي يعتبر كنوع آنية تكون خالية من وسطها.
37
على أنه حتى مع عدم وجود خلو فإن العالم يمكن أن يتحرك أيضا على السواء، وإن أنكساغوراس الذي اشتغل أيضا بهذه المسألة لم يقنع بإثبات أنه لا يوجد خلو، بل أثبت فوق ذلك أن الموجودات تتحرك على سواء من غير أن يكون الخلو ضروريا.
38
وفي هذا المعنى عينه قال أمبيدقل إن الأشياء متى تم تركيبها تحركت طوال الزمان من غير أن يوجد - على رأيه - ما لا يفيد في «الكل» ولا أن يوجد خلو كذلك . وفي الحق من أين يمكن أن يحدث الخلو؟ يقول أمبيدقل لأن الأشياء متى تركبت في صورة واحدة بطريقة أنها تؤلف الوحدة:
فلا شيء يكون خلوا ولا شيء زائد.
أليس يمكن في الواقع أن الأشياء تتحرك بعضها في بعض، وأن الكل يكون دائريا ما دام أن الشيء يتغير إلى آخر، وهذا الآخر إلى ثالث. وما دام أن شيئا بعينه يتغير دائما آخر الأمر إلى الأول؟
39
Неизвестная страница