قلت للفتاة: «وهل كان لك طفل؟»
قالت الفتاة: لم أتزوج ولم ألد، لكني كنت أحلم دائما بهذا الطفل يخطر إلي في الحلم بعينين مملوءتين بالبريق والدموع، وهو يشبه بالضبط الطفل الذي تقدم نحوي وأنا أهبط من القطار، أعطيته معطفي الصوفي وخمسة جنيهات وطلبت منه أن ينتظرني في المحطة حتى أعود إليه.
قلت للفتاة: وستعودين إليه؟
قالت: نعم.
قلت: وتعودين به إلى بيت أسرتك في الصعيد؟
انتفضت بذعر وقالت: يقتلني أبي إذا عدت وحدي بعد أن هربت، فما بال أن أعود ومعي طفل؟ سوف يتصورون أنه طفلي، وأنه ثمرة حب محرم أو حمل سفاح!
قلت: لكن الطفل كما تقولين في السابعة من عمره وأنت كم عمرك؟ خمسة وعشرون عاما؟ معنى ذلك أنك كنت في الثامنة عشر وقت ولادته، ثم كيف يحدث ذلك كله وأنت في بيت أسرتك تلميذة بالمدرسة؟ لا أظن أن والدك سوف يشك في الأمر!
قالت الفتاة: أنت لا تعرفين أبي، إنه يشك في أخلاقي منذ ولدت، لم أخرج من البيت إلا تحت رقابته أو رقابة أخي الأكبر أو أخي الأصغر الذي يصغرني بخمس سنوات، وكنت في الخامسة عشر من عمري، وأخي الأصغر طفل في العاشرة، مع ذلك يخرج معي لحمايتي!
قلت: وأمك؟ أليس لها دور؟
قالت الفتاة: أمي تخاف من أبي وتعمل حساب ابنها الأكبر، وتقول لي تحملي يا ابنتي كما تحملت أمك وجدتك وخالتك وعمتك وكل النساء، هذا مصيرنا يا ابنتي فاصبري لعل الله يرزقك بعريس الهنا يعوضك عن قسوة أبيك، لكني لم أسمع كلام أمي، ولم أنتظر عريس الهنا، قررت عدم الزواج وعدم الإنجاب، وكيف ألد أطفالا يتعذبون كما عذبت، وكيف أضيف إلى هؤلاء الأطفال الراقدين على الأرصفة طفلا جديدا؟! •••
Неизвестная страница