إذا عرفت ذلك فالذي ترجع إليه المسألة التي نحن بصددها هو الثاني من هذه الوجوه الأربعة وهو قولنا: لولاه لما صح لأن الأول باطل بلزوم اتحاد العالم كما سيأتي تقرير ذلك، والأخيرين هما في ثبوت عدل الصانع المختار وصحة نبوة أنبيائه عليهم السلام، ونحن الآن في إثبات الصانع نفسه لا في إثبات عدله ونبوة أنبيائه، فنقول: لولا أن هذه الأجسام محدثة ولولا أن لها محدثا مختارا لما صح اختلافها، لأنها لم تكن بأن تختلف أولى من أن لا تختلف بل كان عدم اختلافها هو الأولى لأنها لو لم تكن محدثة لكانت قديمة، ولو كانت قديمة لما اختلفت، لأن القديم لا يختلف لاستلزام حدوث المختلف.
فثبت الطرف الأول وهو أن الاختلاف دليل الحدوث كما ترى من تقرير الدلالة على ذلك، وعلى ذلك يكمل هذا الطرف بمعرفة سؤال وجوابه، لأنه مهما لم يعرف المستدل جواب ما يرد على المسألة أو دليلها من السؤالات والاشكالات الواردة على ذلك كان المستدل عليه غير ثابت عند المستدل لعدم تأتي الجزم وسكون النفس عند عروض ذلك السؤال والاشكال حتى يعرف جوابه ويظهر عدم قدحه في المسألة ولا في دليلها.
Страница 74