كيفية معرفة الله
نعم [ فإذا قيل لك أيها الطالب للنجاة بم عرفت الله تعالى أنه ربك؟ فقل: لأنه خلقني، ومن خلق شيئا فهو ربه ].
الخلق: هو إيجاد الشيء مقدرا على وفق الحكمة والمصلحة، ولا شك أن إيجاد الإنسان قد وقع كذلك.
والشيء: ما يصح العلم به والخبر عنه، واختلف في إطلاقه على المعدوم فقال بعض أئمتنا عليهم السلام وبعض شيعتهم وبعض المعتزلة والأشعرية: إنه ليس بشيء وأن الشيء لا يطلق إلا على الموجود، واستدلوا بقوله تعالى: { أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يكن شيئا} [مريم:67]، {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا} [الإنسان:1]، وفي الحديث: " كان الله ولا شيء "، وقال بعض أئمتنا عليهم السلام وبعض شيعتهم والبهشمية: المعدوم شيء لقوله تعالى: {إن زلزلة الساعة شيء عظيم } [الحج:1]، وأيضا فإن الله قد سمى آدم قبل خلقه خليفة فبالأولى أن يسمى شيئا، ولا خلاف أن المعدوم يسمى شيئا، ولكن الخلاف هل يطلق عليه ذلك حقيقة أو مجاز الأظهر أن ذلك مجاز، وبذلك يجمع بين الآيات على أن المبحث لغوي، فالمرجع بذلك إلى ما دلت عليه لغة العرب وأعظمها القرآن، فقد رأيت صرائح الآيات ناطقة تارة بتسمية المعدوم شيئا، وتارة بنفي تسميته شيئا، فلا بد من التأويل في أحدهما، فتأول الآيات التي ظاهرها أنه يسمى شيئا بأنه نزل ما سيحصل منزلة الحاصل، فأطلق عليه اسم الشيء تجوزا.
[ فإن قيل لك: بم عرفت أنه خلقك؟ قلت: ] أما كوني مخلوقا أي موجودا مقدرا بعد العدم المحض فمعلوم [ لأني لم أكن شيئا، ثم صرت شيئا ] لأن الشيء كما سبق هو الموجود، [ ولم أكن ] موجودا ضرورة ثم صرت بعد ذلك حيا [ قادرا ].
والحي: هو من يصح منه أن يقدر ويعلم سواء كانت تلك الصحة لذاته كالباري تعالى أم لأجل الحياة المخلوقة فيه كغيره من الأحياء.
Страница 56