بسم الله الرحمن الرحيم
زواهر نطق، يلوح أنوار ألطافه، من مطالع الكتب والصحائف.
وبواهر كلام، يفوح أزهار إعطافه، على صفحات العلوم والمعارف.
حمد الله، الذي جعل زلال الكمال قوت القلوب والأرواح.
وخص مزايا العرفان، بفرحة خلا عنها أفراح الراح.
وفضَّل الذوق الروحاني على الجسماني تفضيلا، لا يعرفه إلا من تضلع أو ذاق.
وأودع في كنه الفضل لطفا، لا يدركه إلا من تفضل وفاق.
والصلاة والسلام على الذي كمّل علوم الأولين والآخرين، بكتاب ناطق آياته، ببينات وحجج.
قرآنا عربيا غير ذي عوج.
صلى الله - تعالى - عليه، وعلى آله الأبرار، وصحبة الأخيار.
ما طلع شموس المعاني من وراء حجاب السطور والدفاتر.
وأنار أنوار المزايا من أشعة رشحات الأقلام والمحابر.
وبعد، فلما كان كشف دقائق العلوم، وتبين حقائقها، من أجل المواهب، وأعز المطالب، قيّض الله ﷾ في كل عصر علماء قاموا بأعباء ذلك الأمر العظيم، وكشفوا عن ساق الجد والاهتمام في التعليم والتفهيم، سيما الأئمة الأعلام من علماء الإسلام، الذين قال فيهم النبي - عليه وعلى آله الصلاة والسلام -: (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) .
فإنهم سباق غايات، وأساطين روايات ودرايات.
فمنهم: من استنبط المسائل من الدلائل، فأصّل وفرَّع.
ومنهم: من جمع، وصنّف، فأبدع.
ومنهم: من هذّب، وحرّر، فأجاد، وحقّق المباحث فوق ما يراد، رحم الله أسلافهم، وأيد أخلافهم.
غير أن أسماء تدويناتهم، لم تدون بعد على: فصل وباب؛ ولم يرو فيه خبر كتاب؛ ولا شك أن تكحيل العيون بغبار أخبار آثارهم، على وجه الاستقصاء؛ لعمري إنه أجدى من تفاريق العضا؛ إذ العلوم والكتب كثيرة، والأعمار عزيزة قصيرة، والوقوف على تفاصيلها متعسر، بل متعذر، وإنما المطلوب: ضبط معاقدها،
1 / 1