سيَّما أهل العِشق والشَّغف، ومَن يشتغل بصورةٍ خاصَّة، وهذا واضحٌ لا ينازع فيه مُنصِف، ا. هـ.
وأمَّا على أنَّ صوتها غير عورةٍ [وهو إنْ صحَّ] (١) فلا يحرم إلا إنْ خشي فتنة.
قال الأذرعي: ومحلُّه فِي غير الغناء الملحَّن بالنغمات الموزونة مع التخنُّث والتغنُّج كما هو شأن المغنيات، أمَّا هذا ففيه أمورٌ زائدة على مُطلَق سماع الصوت فيتَّجه التحريم هنا، وإن قلنا: إنَّ صوتها غير عورة، ويجب أنْ يكون محل الخِلاف فِي صَوتٍ غير مشتمِل على ذلك [التحريم] بخلاف المشتمل عليه؛ لأنَّه يحثُّ على الفُسوق كما هو مُشاهَد، ويظهر أنَّ سماعه من الأمرد محرَّم أيضًا إنْ خشى فتنة به كسَماعه من المرأة، ثم رأيت الرَّافِعيَّ صرَّح بذلك، والأذرعي نقَل عن القرطبي أنَّ جمهور من أباح سماع الغناء حكموا بتحريمه من الأجنبيَّة على الرجال والنساء، وأنَّه لا فرق بين إسماع الشعر والقُرآن؛ لما فيه من تهييج الشهوة وخوف الفتنة لا سيَّما إذا لحنته، فسماعه كالاطِّلاع على محاسن جسدها، بل الحاصل بغنائها من المفسدة أسرع من ذلك؛ لأنَّ السماع يُؤثِّر فِي النفس قبل رؤية الشخص، وأمَّا تهيجه للشهوة وإيقاعه فِي الفتنة فلا شكَّ فيه، والحاصل أنَّ سماعهنَّ مظنَّة للشهوة قطعيًّا، وأطال فِي تقريره، وهو كما قال، ا. هـ كلام الأذرعي.
(تنبيه ثالث): الغناء بالمدِّ والكسر هو رفع الصوت بالشعر؛ ومن ثَمَّ قال جمعٌ من الشافعية والمالكيَّة منهم الأذرعي فِي "توسطه"، والقرطبي فِي "شرح مسلم": الغناء إنشادًا واستماعًا على قسمين:
_________
(١) في (ز٢): وهو الأصح.
1 / 37