المسجد (١)، نعم؛ إنْ كان فيه مذموم كهجو محرَّم أو صفة خمر أو ذكر نساء أو أمرد أو مدح ظالم أو افتخار منهي عنه حرام، ا. هـ (٢).
وهو صريحٌ في تحريم كثيرٍ من الأشعار التي فيها ذكر صفات الخَمْر ولو [بالتشبيهات] (٣)، وذكر صِفات النساء والمرد، ويُنافِيه ما قالوه فِي الشهادات من أنَّه لا يحرم التشبيب إلاَّ بامرأةٍ أو غلامٍ معيَّن، ويمكن [أنْ يفرق] (٤) بأنَّ الحرمة هنا جاءَتْ من حيث المسجد فيحرم فيه ذلك مطلقًا؛ لما فيه من الفحش بخلاف خارجه، وأمَّا ذكر صِفات الخَمْر المقتضية مدحها فالظاهر ما اقتضاه صريحُ كلامه من حُرمته فِي المسجد، وأمَّا خارجه فظاهر ما قدَّمته عدم الحُرمة، وظاهرٌ أنَّ محله إنْ قصد نحو ما مرَّ عن الشيخ أبي إسحاق من خمر الجنَّة أو ريق المحبوب كله أو فواتح الحق على [عباده] (٥) أو نحو ذلك، وإلاَّ فالظاهر الحرمة، ومن ثَمَّ أفتيتُ بحرمة مُطالعة "حلبة الكميت"، وقد قال أهل الاستِقراء: ما طالَعها أحد إلا شرب الخَمْر أو كاد، وعلى الشعر المذموم قوله ﷺ: «مَن رأيتُموه ينشد في المسجد شعرًا فقولوا له: فضَّ الله فاك، ثلاث مرات»؛ رواه ابن السني (٦)،
_________
(١) أخرجه ابن ماجَهْ (٧٥٩)، والترمذي (٣٢٢)، والطحاوي في "شرح معاني الأثار" (٤/ ٣٥٨)، وصحَّحه ابن خزيمة (١٣٠٦)، من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه، وقال ابن حجر في "فتح الباري" (١/ ٥٤٩): رواه ابن خزيمة في صحيحه، والترمذي وحسَّنه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه، وإسناده صحيح إلى عمرو - فمَن يُصحِّح نسخته يُصحِّحه - وفي المعنى عدَّة أحاديث لكن في أسانيدها مقال.
(٢) "المجموع شرح المهذب" (٢/ ٢٠٥) الطبعة المنيرية.
(٣) في (ز١): بالشبهات.
(٤) في (ز١): الفرق.
(٥) في (ز١): خلائقه.
(٦) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٢/ ١٠٣) من حديث محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن أبيه، عن جده ثوبان، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٢/ ٢٥): رواه الطبراني في "الكبير" من رواية عبدالرحمن بن ثوبان عن أبيه ولم أجدْ مَن ترجمه.
1 / 35