وتناهى إلى سمعهما صوت حركة في الخارج، فرفع الشاب الأسمر طرف الخيمة ونظر وقال وهو لا يزال ينظر: أما غريبة! ايه اللي جاب الناس دولم هنا؟ - مين يا حسن؟
قالها حمزة وهو منهمك في فك مسمار عاص، فعاد الشاب يقول: واحد أفندي وواحدة ست. - فين يابو علي؟ - جنب الخيمة.
قالها الشاب الضخم ثم رفع صوته من خلال الفتحة: عاوز ايه يا فندي؟
فرد صوت أخنف قليلا: حمزة فين؟
فرد حمزة وهو لا يزال مشغولا: دا لا زم سعد، تعال يا سعد، خش.
ودخل سعد، عصبي وأصفر وقصير، ويرتدي بلوفرا من الجلد ومنظارا أسود، واندفع يقول: إيه ده؟ ساعة أدور أنت فين، علق يافطة يا أخي، ارفع علم على الخيمة لما تكون فيها، صباح الخير.
فرد حمزة: صباح الخير، اقعد يا سعد. - مش قاعد، معايا ناس، شغل، عشان تقوللي مابتشتغلش، كفاح لا يهدأ، تعالي يا آنسة فوزية، اتفضلي، خشي ماتخافيش، بني آدمين والله اللي هنا.
ومن باب الخيمة الصغير انحنت فتاة داخلة، ووقفت عند الباب حائرة مترددة تحدق في حمزة و «البرتا» التي أصبحت أجزاء سوداء بين يديه، وفي الشاب الآخر الذي كان واقفا في منتصف الخيمة بفانلته الصوف الزرقاء ذات الرقبة الطويلة كمارد خارج لتوه من قمقم.
ورفع حمزة بصره ونظر إليها، كانت متوسطة الطول مثله وأكثر منه نحافة، لها وجه صغير أبيض وشفتان شديدتا الحمرة وشعر غزير، وكانت ترتدي معطفا «بيج»، ورغم هذا كانت ترتجف من البرد وفي وجهها شحوب وارتعاش، ورغم ارتجافها كانت في عينيها لمعات دفء ونشاط زائدين، وأحدث دخولها حركة في الخيمة، قام حمزة من فوره وأفسح لها مكانا فوق الصندوق ومد يده ليصافحها، وحين وجدها تنضح بالجاز وسواد الصدأ مد لها ذراعه، وأحس بأصابعها وهي تلتف حول ذراعه باردة كالثلج، ولكن قبضتها على غير ما توقع كانت قوية.
وقبل أن يعود الهدوء قال سعد بكلماته المتقطعة السريعة: أهو ده الأستاذ حمزة يا ستي عضو اللجنة المسئول عن معسكر التدريب.
Неизвестная страница