Новые и старые: исследования, критика и обсуждения
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
Жанры
وكان يأتيني بمقالات من عندياته يستقل بها، فأرى منها جسما متناسق الأعضاء عليه مسحة من الجمال تحت ثوب من اللفظ لا يشاكل المعنى، فأمشي معه في ثقافته مشية من يرى تلميذه أكبر من تلميذ، وضعت له هذه القاعدة: «فكر طويلا واكتب قليلا، تكتسب كثيرا إلى أن تفيض القريحة فيضا.»
ومن أول مقال له أدركت ما هو جبران وقلت له: إنك صائر شاعرا مطبوعا، وكاتبا خياليا فاتق الله، إلى الأمام.
وكان جبران ينمو في أسلوبه نمو الحورة وينبثق انبثاق الحوض، ومعه تقوى الروح الوثابة العابثة المتمردة.
وفي آخر السنة تركت المدرسة ولم أعد أذكر إلى أين أتجه، إلى أن أهدى إليه كتابه وعليه العبارة: «أنت أولى بأولى بواكيري»، فكتبت إليه في بعض نقط فقطع الحبل، وكل ما أقوله: لا تتعجل بنشر نقد جبران قبل أن تلم به من كل ناحية، وجبران كان يحذق فن التصوير وهو في المدرسة.
لا أقدر أن أبدي رأيي في جبران؛ لأني لم أطالع تآليفه كناقد، ولا جلد لي اليوم، بل أعتقد أنك بدرسك له الدقيق تجد الغث والسمين، وعسى نقدك أن يكون نظير عصا موسى وراء عصي سحرة مصر، إن شاء الله الذي لا توفيق إلا منه.
ابن عمتك الخوري
9 آذار سنة 1936 (10) شيء عن مي
يا حبذاه!
هكذا أجابتني مي إذ دعوتها إلى الكلام في حفلة جبران التذكارية، كانت يومئذ مجاورة بالفريكة بعد محنتها، وقد صحبنا إلى زيارتها صديقنا وصديقها الريحاني.
تلك أول مرة رأيت فيها وجه مي الذي أطراه الناس نعتا، رأيتها فخلتني أمام كنيسة مهجورة، في عتمتها روعة وجلال، وفي شقوق جدرانها رائحة الفن والدهر، من أين جاءت إلى ذهني في تلك الساعة، صورة ابن الفارض كما رسمها جبران؟ لست أدري، رأيت في محياها ظل الشباب مسفوحا على الهرم، قعدت على «طراحة» كعادتنا اللبنانية، وجلست هي على كرسي بالقرب مني، فاعتراني اضطراب القاعد قرب جدار متداع، أدركت فورا أنني أمام امرأة لبنانية لم تمح مصر ولا مدنية الغرب خطا واحدا من خطوطها الجميلة.
Неизвестная страница