ولكي يحفظ كل قسمته، القسمة التي حرثها بيده، وضع حدا بين قطعة وأخرى، وشعر بالعدل في قلبه فسن قانونا لجميع الحقوق نشره في كل الأصقاع، ولكي يقدس شرائعه لجأ إلى الشريعة العليا وطلب القاضي فرأى الله! •••
وأما الأهلون، فإنهم بدءوا ينمون من سنة إلى سنة، ونشأت محبة الوطن في صدورهم، حصاد المجد والقوة، وقد زرعه آباؤهم في السهول المقدسة! •••
وأما المعابد - معابد الخالق العظيم - فقد خرجت من أحشاء الصخور، واقترب إليها الإنسان باكيا! فسر الله من أصوات تمجيده صاعدة من فم الرجل، ولكي يحفظ تذكار هذا التمجيد تقبل السنابل على مذبحه! •••
هو ذا الفلاح وامرأته يقودان البقرتين إلى نبع يتفجر من صخرة، فلتشربا مع هذه المياه نسيان الأتعاب! رب! اهد كل إنسان إلى ينبوع يرد منه، فللإنسانية ساعات عطش مؤلمة، وأفض من ينبوعك السري قطرات الحب والسلام على الشفاه المجففة! •••
آه! كل عنده هذه القطرات الروحية، فمنهم من يشربها من قلب امرأة، ومنهم من جبين طفل أو ولد، أما أنا فينبوعي ليس في هذه الأرض! •••
مياه هذا العالم مرة عند من شربت شفتاه قطرات الحب! لا، ليست مياهي في هذا المأوى، بل هي في زفراتي وآلامي، في شهيق صدري، ونزاع أفكاري، وأما قطرة الأمل فمن دموعي أشربها! •••
هو ذا الفلاح قد حل وثاق بقرتيه فنامتا بعيدا عن المحراث في ظلال أوراق كثيفة وجلس مع امرأته وأولاده إلى طعام مؤلف من الثمار والبيض وقطع من الخبز، وعندما انتهوا من الغذاء أخذت المرأة ابنها الطفل وأعطته ثديها ليرضع ثم أسندت ذراعها إلى جنب زوجها ونامت نومها الهادئ! •••
ارقدوا، ارقدوا تحت غيوم الأوراق الخضراء ولتجمعكم سنة الحب أيها الرجل والمرأة والأولاد! إيه موقد الحب الخافق، يا شعلة الوجود الطوافة، أنت تصلين القلب بالقلب والنفس بالنفس، وتحكمين عرى الحياة بحبالك السرية! •••
هو ذا الجرس يدق من بعيد فيقف الفلاح لدى ندائه المقدس حاسر الرأس، ويجمع يديه القويتين رافعا نفسه فوق الأتلام، بينما يكون الأولاد ساجدين على ركبهم، جامعين أناملهم الصغيرة في يدي أمهم! •••
أيتها الصلاة، يا نسما يهب على الأنفس، إن قلب الأم يتنفس بك، والهواء العاصف ينشر أصواتك، وشفاه الأطفال تتلفظ بك، والأطيار تصغي إليك في غاباتها، أنت تصعدين من مكامن الطبيعة كهمس سري لا يدرك معناه إلا ملائك الرب، فالتنهدات، والأوجاع، ودموع الثكالى والمظلومين ليست إلا تسابيح وأناشيد! •••
Неизвестная страница