وهزت رأسها وقالت: ولكني لا زلت برغوثا. ومع ذلك حاولت، وبذلت الجهد، ولست أدري إن كنت قد أدركت ذلك يا روبرت. كنت دائما أخطو على أطراف أصابع قدمي، أجاهد في سبيل بلوغ المكان الذي كنت تحتله تؤدي فيه عملك وتفكر فيه وتطلع، على أطراف قدمي، أحاول أن ألحق بك، وأحاول أن أرقى إلى جانبك. ولقد كان ذلك وربي أمرا شاقا على نفسي! ولكم بذلت جهدا إثر جهد! وضاعت كل جهودي هباء؛ لأني لم أكن سوى برغوث أبكم أتوثب بين الناس والزهور والقطط والكلاب. إن حياتك الثقافية الرفيعة كانت أرقى من أن أصعد إليها، بله أن أغوص فيها. وعندما حدث هذا (ورفعت يدها ثانية ووضعتها مكان ثديها المقطوع) كففت عن المحاولة؛ فلا مدرسة ولا مذاكرة منزلية. وكان عندي لذلك عذر دائم.
وساد صمت طويل.
وأخيرا قالت الممرضة: هلا أخذت جرعة أخرى؟
واتفق معها الدكتور روبرت وقال: نعم يجب أن تتناولي المزيد.
وابتسمت له لاكشمي مرة أخرى وقالت: وأخالف التعاليم المقدسة؟ ومن خلال قناع الشيخوخة والمرض المميت شهد الدكتور روبرت بغتة الوجه الضاحك، الفتاة التي عام بها حبا منذ منتصف عمره، وكأنه عشقها بالأمس فقط.
وعاد الدكتور بعد ساعة إلى بيته.
وبعدما غير الضمادة التي كانت تلتف حول ركبة ويل فارنبي قال له: ستبقى اليوم وحيدا؛ إذ لا بد لي من أن أذهب في عربتي إلى شيفا بورام لاجتماع مجلس الشورى. وحوالي الثانية عشرة سوف تأتي إليك إحدى ممرضاتنا الطالبات لتعطيك الحقنة وتناولك الطعام. وبعد الظهر عندما تنتهي سوزيلا من عملها بالمدرسة تمر بك . أما الآن فلا بد لي من أن أنصرف. ونهض الدكتور روبرت ووضع يده لحظة فوق ذراع ويل وقال: حتى المساء.
وفي طريقه إلى الباب توقف وتلفت خلفه وقال: لقد كدت أنسى أن أعطيك هذا. وأخرج من أحد الجيبين الجانبيين لسترته المرتخية كتيبا صغيرا أخضر اللون وقال: هذه مذكرات راجا العجوز عن «حقيقة كل شيء وعن التصرف المعقول إزاء حقائق الأمور».
وقال ويل وهو يتناول الكتاب الذي قدم إليه: يا له من عنوان عجيب!
وأكد له الدكتور روبرت أنه سوف يحب كذلك محتواه: إنه يقع في بضع صفحات. ولكنك إن أردت أن تعرف حقيقة بالا فلن تجد ما يعرضها عليك خيرا مما فيه.
Неизвестная страница