Драгоценности толкований
جواهر التفسير
Жанры
[الزمر: 6]. والتحقيق أنه لا بد من رعاية معنى العلو في مصدره، والله سبحانه متعال فوق خلقه بقهره وسلطانه، فلذا صح إطلاق لفظ الانزال على ما يصدر منه من إحسان إلى خلقه.
ويكون العلو معنويا كما يكون حسيا.
وإنزال القرآن وسائر الكتب السماوية إنما هو عبارة عن نزول الملك المكلف بإبلاغها متلبسا بها حتى تصل إلى المرسل إليه بأمر الله. والملك يتلقاها من الله سبحانه بالطريقة التي تقتضيها مشيئته تعالى.
وقد أخبر سبحانه أن تكليمه للبشر لا يكون إلا بصفات ثلاث، بينها في قوله:
وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من ورآء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشآء
[الشورى: 51].
وبين النبي صلى الله عليه وسلم كيفية تلقيه للوحي في جوابه للحارث بن هشام الذي رواه الامام الربيع والشيخان من طريق عائشة - رضي الله عنها - قالت:
" سأل الحارث بن هشام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كيف يأتيك الوحي يا رسول الله؟ قال: " أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول " ".
وبناء على رأي من قال إن هذه الآية في مؤمني أهل الكتاب خاصة، استظهر العلامة ابن عاشور فائدة من الاتيان بالموصول في قوله: { بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك } ، ولم تكن العبارة والذين يؤمنون بك من أهل الكتاب، وهي الدلالة بالصلة على أن هؤلاء كانوا آمنوا بما ثبت نزوله من الله على رسلهم دون تخليط بتحريفات صدت قومهم عن الدخول في الاسلام، ككون التوراة لا تقبل النسخ، وأنه يجيء في آخر الزمان من عقب إسرائيل من يخلص بني إسرائيل من الأسر والعبودية، ونحو ذلك من كل ما لم ينزل في الكتب السابقة، ولكنه من الموضوعات أو من فاسد التأويلات - قال - ففيه تعريض بغلاة اليهود والنصارى الذين صدهم غلوهم في دينهم، وقولهم على الله غير الحق عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا؛ وقد عبر في الآية بصيغة الماضي في قوله بما أنزل إليك، مع أن القرآن لم يكن كله منزلا عند نزول هذه الآية، والناس مطالبون بالايمان بكل ما أنزل أو سوف ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الايمان بما تحقق نزوله يقتضي الايمان بما سوف ينزل، لاندراجه فيه، ويرى بعض المفسرين أن هذا التعبير من باب المجاز العقلي، وهو تغليب ما أنزل على ما لم ينزل، ويرى غيرهم أنه مجاز لغوي، وذلك أنه أستعير ما أنزل لما لم ينزل.
Неизвестная страница