فالله أعلم، قد سمى التوراة كلامه، كما ذكر أنه كلم موسى، وذكر أنه أنزل التوراة والإنجيل وأنزل الفرقان، وقد سمى القرآن كلامه؛ لقوله: {حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه}، وسماه نورا، وذكر أنه أنزله في الحكم في ذلك، لا يختلف في ذلك أنه أنزل ذلك على رسله، وهو كلامه.
وقال: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب}، فذلك أن الكلام لا يكون إلا بالوحي كما قال.
ألا ترى أن الوحي كان ينزل إلى النبي ^، بالاتفاق أن القرآن وحي، وقد سماه الله كلامه، وقال الله لنبيه: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده}، إلى تمام القصة، فذلك بالوحي كما قال الله تعالى.
مسألة: [في خلق كلام الله]
- وسأل فقال: كلام الله مخلوق أو غير مخلوق؟
قيل له: قد اختلف الناس في ذلك؛ فقال قوم: إن كلام الله مخلوق. /63/
وقال آخرون -وهم أكثر الأمة-: إن كلام الله ليس بمخلوق.
ووقف في ذلك واقفون.
وكلام الله تعالى من صفاته، وصفاته لم تزل له، ولو جاز لقائل أن يقول: إن الله لم يكن متكلما ثم تكلم لجاز لقائل أن يقول: لم يكن الله عالما ثم علم.
فلما فسد هذا القول على قائله، وكان الإجماع أن الله لم يزل الرحمن الرحيم، الحي العالم القادر السميع البصير المتكلم فسد قول من يقول: إن كلام الله مخلوق؛ إذ هو المتكلم كما أنه هو العالم، والكلام صفته، فدل بذلك أن كلامه غير مخلوق.
Страница 89