كيف وقد سلم الجميع من المهاجرين والأنصار وانقادوا لإمامتهما، ودانوا بولايتهما، واجتمعوا عليهما، وهم الحجة على الناس، والشهداء عليهم، والأمة لا تجتمع على ضلالة، ومن خطأ المهاجرين والأنصار فيما اجتمعوا عليه من إمامة أبي بكر وعمر كان هو المخطئ.
ولو كان ما يدعي هذا حقا أن أبا بكر وعمر ظلما الأوصياء لكان على المهاجرين والأنصار الإنكار والمعونة للأوصياء، وإن تركوا ذلك كفروا؛ فلما كان الأمر على خلاف هذا علمنا أن من قال هذا مبطل.
ومن برئ من أبي بكر وعمر كان أحق بالبراءة والضلال منهما، وإن ادعى أحد ممن زعم هذا أنه وصي، وأنه قد أنكر فعليه إقامة البينة، ولعجزهم عن إقامة البينة من غير أهل مذهبهم بذلك خرجوا من الإجماع؛ لأن شهادة هؤلاء لا تجوز لأنفسهم على المسلمين فيما يدعونه.
فإن قائل قال: فما الدلالة /142/ على أن إمامة أبي بكر الصديق صواب؟
قيل له: الإجماع على ذلك من السلف من المهاجرين والأنصار، وقد وجدنا الناس على ثلاثة أصناف: فقائلون يقولون بإمامة علي بعد النبي ^، وقائلون يقولون بإمامة العباس، وقائلون يقولون بإمامة أبي بكر، ووجدنا عليا والعباس قد بايعاه، وانقادا لأمره مع كافة الناس، وإن كان قد توقف عن البيعة متوقفون وقتا، وقد أطبقوا على البيعة والانقياد لإمامته ومعونته، والكون تحت رايته، والاتباع لأمره، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على خطإ.
ولا يجوز لمدع أن يدعي أن باطن علي والعباس على خلاف ما أظهراه، ولو جاز ذلك لجاز أن يقضي على صحة الإجماع، ولا يأمن أن يكون باطن بعض الأمة خلاف ما ظهر بالاتفاق.
وقد ثبتت إمامة أبي بكر ولم يلتفت إلى الدعوى من الباطن، فلما كان هذا القول إبطالا للإجماع فسد، ووجب القضاء على الإمامة لأبي بكر بعقد من حضرها وعقدها له من المسلمين.
Страница 197