وقد قال تعالى: {أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور}، وقال: {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء}، فإنما الرزق ما أنزل الله كما يشاء، فهذا دليل على أنه رازق الخلق كما أنه خالقهم، وكما أنه يملك سمعهم وأبصارهم، وكما أنعم عليهم به، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة.
فمن كفر برزق الله أنه لم يرزق الخلق فقد خالف كتاب الله، وقد قال الله: {وفي السماء رزقكم وما توعدون} يعني: المطر.
وقد قال الله: {أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه}.
وقال: {أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم}، وأمثال هذا في القرآن كثير.
وقال: {وفي السماء رزقكم وما توعدون}، وأقسم ربنا: {إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} وهو الماء، وقد بين أنه لو بسط الرزق لعباده لبغوا في الأرض.
وقال: {والله فضل بعضكم على بعض في الرزق}، وقال: {ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا}.
فثبت بما تلونا من كتاب الله ما يدل على أنه الرازق لا غيره، ولو جهد العبد ما زاد في رزقه حتى يزيد في أركانه؛ لأن الله تعالى خلق الخلق والرزق، وقدر ذلك كيف شاء، وفضل عباده في ذلك بعضهم على بعض، فواحد عجلت له طيباته، وآخر أخرت له طيباته.
فإن قال: فيرزق الله الحرام؟
Страница 170