ألا ترى أن القدرة التي في الإنسان هي عرض في الجسم، وليس القدرة هي جسما في الجسم، فلما كانت عرضا في الجسم، والعرض لا يقوم بنفسه، ولا يثبت في وقتين، وهو يدفع بعضه بعضا، لم يجز للإنسان أن يقول: أنا قادر على شيء لم يعلم يوفق له أم لا.
فإن قال: ما معنى قوله: {لن تستطيع معي صبرا}؟
قال: لعلمه أن موسى لم يكن مستطيعا للصبر، وقد أجاب موسى على ظن واستثنى إن شاء الله، ولم يقل: أقدر حتى قال: إن شاء الله.
فإن قال: فما معنى قوله: {وكانوا لا يستطيعون سمعا}؟
قيل له: لم يكونوا مستطيعين لقبول الحق واتباعه.
فإن قال: فما معنى قوله: {لا يستطيعون نصرهم}؟
قال: لا يقدرون على نصرهم.
فإن قال: فما معنى قول الله: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}؟
قيل له: هذه الاستطاعة: المال من الزاد والراحلة مع الصحة في الجسم والقيام بذلك.
فإن قال: فما معنى قوله: {فصيام شهرين متتابعين... فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا}؟
قال: من لم /113/ يستطع الصوم ولم يطق من العلة الحائلة فإطعام بالمال.
والاستطاعة على وجوه ومعان كثيرة.
مسألة: في الاستطاعة
- وسأل فقال: لم قلتم إن الإنسان يستطيع باستطاعة هي غيره؟
قيل له: لأنه يكون ساعة مستطيعا، وساعة عاجزا، كما يكون ساعة عالما وساعة جاهلا، وساعة متحركا وساعة غير متحرك، فوجب أن يكون مستطيعا بمعنى هو غيره، كما وجب أن يكون متحركا بمعنى هو غيره، وعالما بمعنى هو غيره، ولو كان متحركا بنفسه لوجب ألا يوجد إلا متحركا أبدا، فثبت وصح أن الاستطاعة غيره.
فإن قال: فإذا أثبتم له استطاعة هي غيره فلم زعمتم أنه يستحيل تقديمها قبل الفعل؟
Страница 157