120

Джамик

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Жанры

وقال: {إن الإنسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا}، فدل أن الذي ابتلاهم به هو من تدبيره وصنعه، وقد سمى الله من المعاصي ما هو شر فقال: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}، فدل أن ذلك من البلوى، والخير طاعة، والشر معصية، قد ابتلاهم به فتنة.

فإن قال: إذا قلت: إن الخير والشر كله من الله، فقد قلت: إن الله فعل الكفر.

قيل له: إن أردت أنه فعله خلقه، فقد قلنا: إنه خلق الكفر كفرا قبيحا مذموما، وخلقه فعلا للكافر؛ لأنه لا يكون شيئا إلا والله خلقه، والكفر فعل الكافر باكتساب منه لفعله، وذلك قوله: {ذوقوا ما كنتم تكسبون}،/85/ وقوله: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}، فسماه الله كسبا للكافر. والمكتسب لا يكون خالقا لكسبه، إنما كسب خلق غيره، والله خالقهم وكسبهم وعملهم، وهو غير مكتسب لشيء -تعالى-.

وإذا كان هذا هكذا دل أن كسبهم خلق لغيرهم خلقه كسبا لهم، ولا يشبه فعله بفعل خلقه؛ لأنه لا يشبه بخلقه في جميع أمورهم، والعقوبة من الله تعالى والثواب، إنما يجزي بهما على الأعمال المكتسبة من الخير والشر والإيمان والكفر، فمن كسب خيرا وعمل بالإيمان الذي أمر به فله الثواب، ومن كسب شرا وارتكب ما نهي عنه عوقب عليه فوقع ذلك على الأمر والنهي، فمن عمل ما نهي عنه فعليه العقاب، ومن فعل ما أمر به فله الثواب، والله حكيم في ذلك كله، ولم تقع العقوبة على ما خلق؛ لأن خلقه للأشياء حكمة بالغة.

فإن قال: لم سمى الكفر كفرا؟

قيل له: من طريق التغطية والستر على الحق.

فإن قال: لم صار كفرا ؟

Страница 120