وكثير من المتطببين لا يوجد عندهم إذا سئلوا عن شىء من هذه الأشياء وأشباهها جواب، فضلا عن أن يبينوا بالفعال حذقا بالصناعة التى يتعاطونها لأنهم لم يتعلموا هذا العلم ولا ارتاضوا فيه. وقد يكون أن يتعلم المتعلم هذا العلم، ثم يتكاسل ويتهاون بالارتياض فيه والاستعمال له، فيقصر عما يبلغه من قد ارتاض فيه. فأما من لم يتعلمه البتة فليس يمكن أن يرتاض فيه. فإن من لم يتعلم فى المثل ما قال أبقراط من أن «أوجاع العين يسكنها شرب الشراب الصرف أو الحمام أو التكميد أو الفصد أو الدواء المسهل»، فكيف يمكنه أن يرتاض عند نفس العمل فى إصابة الوقت الذى يحتاج فيه إلى كل واحد من هذه الأشياء؟ فأما من قد علم هذا من أبقراط، فهو خليق بأن يجد الوقت الذى يصلح فيه كل واحد منها.
وما رأيت أحدا قط، لا من معلمى ولا من غيرهم من سائر أهل دهرنا، أمر قط من به وجع العين بشرب شراب كثير، ولا أدخله إلى الحمام. لكنى لما علمت ذلك من أبقراط أقدمت فاستعملته، وأنا إلى هذه الغاية استعمله ولم أخطئ فيه من دهرى مرة واحدة.
Страница 58